للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للآمر، فيقع العتق عن المعتِق (١).

• الخلاف في المسألة: ذهب أبو يوسف من الحنفية (٢)، والمالكية (٣) إلى أن الولاء يكون للمعتَق عنه، سواء وقع بأمره أم لا، وسواء كان عن حي، أو عن ميت. وهو قول ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، والحسن، وأبي عبيد (٤).

• أدلة هذا القول:

١ - أن سعد بن عبادة (٥) -رضي اللَّه عنه- قال لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن أمي هلكت، فهل ينفعها أن أعتق عنها؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نعم" (٦).

٢ - أن عبد الرحمن بن أبي بكر (٧) تُوفِّي في نوم نامه، فأعتقت عنه عائشة رقابًا كثيرة (٨).

• وجه الدلالة مما سبق: هذا سعد بن عبادة أعتق عن أمه، وعائشة أعتقت عن أخيها، فيقع ثواب العتق لمن أُعتق عنه، فيكون له ولاؤه (٩).

٣ - أنه إذا أعتق عبده عن الغير، فقد ملّكه إياه بشرط العتق، فكان كالوكيل (١٠).

٤ - أن الولاء يجري مجرى النسب، فلا يفتقر حصوله إلى إذن لمن يحصل له (١١).

النتيجة: عدم تحقق الإجماع أن العتق إن وقع عن الغير ولم يكن بأمره أن الولاء للمعتِق؛ لخلاف أبي يوسف من الحنفية، والمالكية بأن الولاء للمعتق عنه، سواء وقع


(١) "بدائع الصنائع" (٥/ ٤٨٠).
(٢) "بدائع الصنائع" (٥/ ٤٨٠).
(٣) "الذخيرة" (١١/ ١٨١)، "مواهب الجليل" (٨/ ٥٠٥).
(٤) "المغني" (٩/ ٢٢٧).
(٥) هو أبو ثابت، وقيل: أبو قيس سعد بن عبادة بن دليم الخزرجي الأنصاري، كان أحد النقباء في العقبة، وشهد بدرًا، وكان سيدًا جوادًا، وجيهًا في قومه، صاحب راية الْأَنصار في المشاهد كلها، وكان غيورًا شديد المغيرة، تُوفِّي سنة (١١)، وقيل: (١٤)، وقيل: (١٥ هـ).
انظر ترجمته في: "أسد الغابة" (٢/ ٤٤١)، "الإصابة" (٣/ ٥٥).
(٦) أخرجه مالك في "الموطأ" (ص ٥٧٩)، والبيهقي في "الكبرى" (٦/ ٢٧٩)، وقال البيهقي: هذا مرسل.
(٧) هو عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، أخ شَقِيق لعائشة، وكان شجاعًا، راميًا حسن الرمي، أسلم في هدنة الحديبية، وشهد اليمامة مع خالد بن الوليد، سكن المدينة، وخرج إلى مكة قبل البيعة ليزيد، فمات بها فجأة سنة (٥٣ هـ).
انظر ترجمته في: "أسد الغابة" (٣/ ٤٦٢)، "الإصابة" (٤/ ٢٧٤).
(٨) أخرجه مالك في "الموطأ" (ص ٥٧٩).
(٩) انظر: "الذخيرة" (١١/ ١٨٢).
(١٠) "المعونة" (٣/ ١٠٣٧).
(١١) "المعونة" (٣/ ١٠٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>