رئاستها لشريف باشا وجمع مجلس النواب وإجراء قراره حقيقة، وأن تكون له الحرية اللازمة لمثله، وأنه لا يمس حقوق الأجانب، وتعهدات الحكومة معهم، فلم يسع الحال إلا لقبول جميع المطالب وإجرائها فعلاً، وازداد عرابي نفوذاً، وانطلقت الألسن بالحرية، فلما اجتمع مجلس النواب ألف قانونه الذي تبتنى عليه أحكامه، وكان من جملته أنه له الحق في الاطلاع على حساب الحكومة في الحال، وله الرأي فيه، مع أن ذلك من خواص مأمورية المراقبة الفرنساوية والانكليزية، فامتنعت وزارة شريف باشا من قبول ذلك، لما تعلم من تداخل الدولتين في الامتناع حتى يفضي إلى التداخل في السياسة، فأصر المجلس على طلبه، وأظهرت العساكر التعصب للمجلس، فاستعفى شريف باشا ووزراؤه ومن هنا خرجت الأعمال عن القصد الجميل لما يوقعها في الزوال، لأن العاقل ينظر لجميع مقتضيات الحال، ونسبة قوة الدول، فيتباعد عن موجبات الفساد، ولا تطلب النهايات في البدايات كما هو القاعدة الشهيرة القائلة من طلب الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه، لكن سبق القدر فلم يتدبروا واستعجلوا فأصروا على طلبهم، ففوض الخديوي انتخاب الوزارة إلى المجلس مع أنه من حقوقه، تطييباً لخاطر الأهالي، فاستولى رئاسة الوزارة محمود سامي، واستولى وزارة الحرب عرابي باشا، وابتدأ من هنا أيضاً الاعتراض عليه من العقلاء في قبول الوزارة، لأن مقامه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يأبى قبوله الوزارة، لأن قبوله يوقعه في التهمة من أنه له غرض خاص في أمره بالمعروف ونهيه عن
المنكر، وهو ارتقاؤه إلى المناصب العالية، سيما بعد أن رقى من كان معه من رؤساء العساكر إلى رتبة اللواء وقبل هو من الخديوي بعد الإلحاح عليه فوافقت الوزارة رأي المجلس، وكانت إذ ذاك ألسن الأهالي بذية مطلقة بالقدح في الأروباويين، والتبجح بما هم عليه مما أسف عليه عقلاء المسلمين.، وهو ارتقاؤه إلى المناصب العالية، سيما بعد أن رقى من كان معه من رؤساء العساكر إلى رتبة اللواء وقبل هو من الخديوي بعد الإلحاح عليه فوافقت الوزارة رأي المجلس، وكانت إذ ذاك ألسن الأهالي بذية مطلقة بالقدح في الأروباويين، والتبجح بما هم عليه مما أسف عليه عقلاء المسلمين.