مقتضاه، إلى أن ظهر للوزارة أن تحدث قانوناً في ترتيب ترقي العسكر، كان من مقتضاه أن أبناء مصر العارفين بالكتابة والقراءة لا يتجاوزون رتبة رئيس الألف المسمى عند الناس بالبين باشي، والذي لا يعرف ذلك لا يستولي إلا رتبة عشرة أنفس، وهو المعروف بالأونباشي، وبقية المصالح العظيمة، والرتب الجسيمة، يتولاها الدخيلون في مصر كالترك والإفرنج فامتنع من الإمضاء على القانون في وزارة الحرب عدة من أمراء الألايات، متعللين بأن ذلك خلاف الإنصاف، فسجنهم وزير الحرب، فثارت العساكر وأخرجوهم من السجن، وأحاطوا بقصر الخديوي طالبين عزل وزير الحرب، فعزل وحصلت حينئذ طنطنة لاتحاد العساكر وإنصافهم وحياة المصريين، ونشأ فيهم حزب يسمى الحزب الوطني زعيمه في الكلام رجل يسمى عبد الله نديم، فصيح اللسان، عارف بطرق الكلام، وكثرت منه الخطب في المجامع والمواكب، ومن غيره أيضاً في الحث على الاتحاد، وأخذ الأشغال لأبناء الوطن، وكذلك الوظائف والخروج من وطأة الأجانب الذين اشتد احتقارهم للأهالي واستبدادهم عليهم بالمرتبات الباهظة، حتى صار يسمع دوي غليان الأهالي من كثرة توظيف الأجانب الذين بلغ عددهم نحو ألف ومائتي متوظف، يأخذون سنوياً نحو أحد عشر مليون فرنكاً، مع اقتدار الأهالي على الوفاء بتلك الوظائف، ونقصان مرتبهم عن ذلك بكثير، ثم بدا للوزارة لزوم التنقيص من عدد العساكر، فثار الجند وأحدقوا بقصر الخديوي متسلحين حتى بالمدافع، بعد أن أرسلوا إلى نواب الدول بالأمن عليهم وعلى رعاياهم، والإعلام بمقاصدهم وكان رئيس ذلك الاتحاد رجل من أهل مصر في رتبة أميرالاي، فصيح اللسان، ثبت الجنان، اسمه عرابي باشا فطلب هو ورؤساء الجيش الاجتماع بالخديوي، فلما تيقن الخديوي جد طلبهم بواسطة خطاب قنصل الانكليز معهم تلقاهم فأعلموه بأن مطلبهم هو عزل الوزارة وولاية