فيُجدِّدون ما انقطع، ويُحيُون ما اندثر، وينشطون ويعملون ويجدون ويدعون بكل قوة وهمة، ويستجيب لهم الكثيرون، وتكون هذه الصحوة الإسلامية التي فاجأت الأعداء الذين ظنوا أنهم قد نالوا أربهم في القضاء على هذا الدين، وصرف أتباعه عن هُداه، بما نشروا فيه من الشبهات، وأثاروا بين أبنائه من الشهوات؛ ولكن الله لهم بالمرصاد، فأبطل سعيهم، وأفسد كيدهم، وهم يبذلون الآن كل ما يستطيعون لإطفاء هذا النور (ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون)
ولكنا مع فرحنا بهذه الصحوة، فإننا نعترف بأنها لابد لها من تسديد وترشيد حتى لا يستغلها أصحاب الاهواء، ولا يحرفها الشانئون والاعداء، ولا يكون ذلك إلا بوضعها على الطريق القويم، وضبطها بمنهج الكتاب والسنة وفهمها على ضوء فهم سلف الأمة، وعساه يكون قريباً.
وقد كان لأستاذنا الكبير العلامة محمد ناصر الدين الألباني فضل كبير في بيان هذه الدعوة، وخاصة في إحياء علم الحديث الذي كان هُجر وأُهمل من قرون، فأعاد إليه بفضل الله أهميته ونشاطه، بما صنَّف من الرسائل والكتب، وبما نشر من العلم، ودرَّس في الحلقات والمجالس ودور العلم، فنبغ ممن كان يحضر مجالسه ويقرأ كتبه طائفة، جدَّت واجتهدت ودرست وصبرت وآتاها الله الذكاء، ووهبها الإخلاص، ووفقها الله تعالى، فكانت لها جهود وتلاميذ وألَّفت كتباً نافعة وبحوثا رائعة، وفي مقدمة هؤلاء الإخوة، الأخ الفاضل والشيخ العالم العامل - فيما أحسب ولا أزكي على الله أحدا -أبو إسحاق الحويني، من مصر العزيزة، حفظه الله وعافاه واثابه عما قدم كبير الأجر والثواب، فكان غزير الإنتاج، سيَّال القلم، قويَّ الحافظة، حسن المحاكمة، وقد كان يُسأَلُ عن بعض الأحاديث الشائقة والمتداولة، فيبحث عنها فيجد بعضها قد حكم عليها شيخه الألباني بالصحة، ويجد بحسب اجتهاده وعلمه أنها ضعيفة، فيستحضر ما استفاده من توجيه الله