للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الصحة». فكتب عليه السيد عبد الله (١): «كذا قال المؤلف، وهو منه بناءً على ما فهمه من ظاهر عبارة «الكاشف»، لكنا بينا ما فيها.» الخ المقال:

أقول: وهو وهم مبني على وهم.

أما الأول: فهو اعتقاد أن الراوي الذي قيل فيه «صدوق» لا يُحكم لحديثه بالصحة، معتمدا في ذلك على كلام ابن أبي حاتم (٢) وموافقة ابن الصلاح له (٣)، وليس الأمر كذلك لا في الواقع ولا في تصرف الحفاظ حتى ابن أبي حاتم نفسه. لأن المعتبر في الصحة هو العدالة والضبط، والصدوق عدل ضابط، إلا أنه ليس في المرتبة العليا من الضبط، وحديثه داخل في الصحيح. ولذلك قسموا الصحيح إلى أنواع متعددةٍ أبلغها الحاكم (٤) إلى عشر مراتب، يُطلق على جميعها الصحة. وكل ذلك بالنسبة للتفاوت في الضبط، والصدوق من مراتبها العليا أو المتوسطة لا من المتأخرة، فضلا عن أن يخرج من حيز الصحيح.

هذا بالنظر إلى القواعد والأصول، أما بالنظر إلى التصرف، فثلاثة أرباع رواة الصحيح المجمع عليه من الأمة لم يتجاوزوا في وصفه غالبا لفظة «الصدوق»، والقليل من قيل فيه: «ثقة». والمقام يحتاج إلى بسط بذكر أمثلة ذلك، ولكن الوقت ليس فيه بسط، والإشارة تكفي.

وأما الوهم الثاني: فهو اعتقاده أن السيوطي إنما قال ذلك ارتكانا إلى أن أبا زرعة قال في الرجل «ثقة» وليس كذلك، بل قاله اعتمادا على أن لفظة «صدوق» داخلة في مراتب الصحيح.


(١) «إعلام الأريب» ص ٢٦ تعليقة رقم (١).
(٢) وعبارة ابن أبي حاتم في كما في «الجرح والتعديل» ٢/ ٣٤: «وإذا قيل له: صدوق أو محله الصدق أولا بأس به فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه، وهي المنزلة الثانية.» اهـ.
(٣) وعبارة ابن الصلاح كما في «معرفة أنواع علوم الحديث» ص ٢٤٣: «هذا كما قال؛ لأن هذه العبارات لا تشعر بشريطة الضبط، فيُنظر في حديثه ويُختبر حتى يعرف ضبطه.» اهـ.
(٤) في كتابه «المدخل إلى الصحيح».

<<  <   >  >>