للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بقية الكتب التي عندنا؟ فكيف بما هو غير موجود عندنا؟ فالجزم بأن هذا منها تسرع لا ينبغي الإقدام عليه من أهل العلم ورواد التحقيق.

وفي هذه التعليقة وقع السيد عبد الله في مثل ما انتقده على الذهبي والسيوطي فإنه قال: «كيف هذا وأبو حمزة ضعيف عند البخاري وأحمد وابن معين والدارقطني والجوزجاني وأبي حاتم والنسائي وأبي أحمد الحاكم والخطيب والعقيلي وأئمة هذا الشأن» … الخ فجمعهم في جمعة وركعهم في ركعة كما يقول المثل العامي المشهور، مع أن فيهم من شدد في التعبير ومنهم من خفف، وبين ألفاظ كلّ منهم مراتب وطبقات، يترتب على كل منها حكم حديثي اصطلاحي، فماله صنع ما عابه على الحافظين الذهبي والسيوطي؟ وهذا أيضا مما يدلك على أن القاعدة التي قررناها مركوزة في الطباع وإن لم يُتنبه لها ولا نُصّ عليها في شيء من الكتب.

فصل: أورد الحافظ السيوطي حديث «لا تزال هذه الأمة أو أمتي بخير ما لم يتخذوا في مساجدهم مذابح كمذابح النصارى»، فكتب عليه السيد عبد الله (١): «هذا التشبيه يُعيّن أن المراد بالمذابح في الحديث هي المقاصير المعروفة في بيع النصارى يذبحون عندها قرابينهم … » الخ.

أقول: [قول] (٢) النبي (بخير) في هذا الحديث أن أمته لا تزال بخير ما لم يتخذوا المذابح، وأمتُه زال عنها الخيرُ يقينا وأصبحت مسلوبة من كل فضيلة خلقية ودينية وأدبية وسياسية كما هو مشاهد، فدل ذلك على أنها اتخذت المذابح المرتب عليها هذا الأمر. مع أننا لم نر في مسجد من المساجد ولا سمعنا عن قطر من الأقطار لا في عصرنا ولا في الأعصر الماضية أنه كان في المساجد الإسلامية مقاصير يذبح عندها القربان، فتعين أن المراد بالمذابح هي المحاريب التي كان السلف الصالح يكرهون الصلاة عندها. ودل هذا دلالة قاطعة على أن الحق هو ما فهمه الحافظ


(١) «إعلام الأريب» ص ٢٩ تعليقة رقم (٢).
(٢) عبارة المؤلف هنا مشوشة جدا، فما بين معكوفين زيادة مني لتيسير فهمها.

<<  <   >  >>