للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بل لا مناسبة بين الرجلين أصلا؛ وإذا ذكر الحافظ السيوطي فلا ينبغي أن يذكر معه المناوي، لو لم يكن مبتلئ بكثرة الأوهام التي أوجبت سقوطه وعدم اعتباره بالمرة، فكيف وهو المفرد في ذلك بين علماء هذه الأمة.

وإن قلنا إن الفهم مبني على الدليل ولكلّ من الرجلين دليل فهو من هذه الجهة معتبر أيضا، فالقاعدة أيضا تُرجح قول الحافظ السيوطي لأن أدلته أقوى بل هي قاطعة كما ستعرفه.

السادسة: في قوله: «والمقصود من الحديث النهي عن التصدي لصدور المجالس والتنافس فيها لما في ذلك من طلب الرياسة والجاه المذمومين»، وذلك أن هذا المعنى بعينه موجود في المحاريب، فإن النفوس تتطلع إليها وتحبها لما فيه من التقدم والرياسة، وكثيرا ما يفتخر الناس في كلامهم ووصفهم للغير بأنهم أرباب المنابر والمحاريب، يعني أئمة وخطباء؛ وأنا أعرف من ابتلاه الله تعالى بحب الرياسة في هذا الباب، بحيث يحارب ويعادي ويقاطع ويسعى في هتك دينه بل وفيما هو كفر والعياذ بالله تعالى لمن شمّ منه رائحة المعارضة له في التقدم للمحاريب والصلاة بالناس، حتى إنه لا يكاد يُصلّي خلف مسلم ولا يُحب إلا أن يكون إماما، فهو عبد المحارب والمنابر.

فالمعنى الذي أثبته للحديث هو بعينه فيما تريد أن تنفيه عنه، ولذلك كان قولك أخيرا: «فظهر من هذا أن ليس لتلك الزيادة علاقة لمحاريب المساجد» غفلة وعدمُ تنبه لما قررته بنفسك.

فصل: قال الحافظ السيوطي في الكلام على رجال الحديث: «وأبو زهير عبد الرحمن بن مغراء من رجال الأربعة، قال الذهبي في «الكاشف» (١): وثقه أبو زرعة الرازي وغيرُه، ولينه ابن عدي». فكتب عليه السيد عبد الله (٢): «هذه عبارة «الكاشف»، وهي بظاهرها تفيد أن أبا زرعة صرّح في عبد الرحمن ابن مغراء بأنه ثقة، مع أنه


(١) «الكاشف» للذهبي ١/ ٦٤٤.
(٢) «إعلام الأريب» ص ٢٣ تعليقة رقم (٢).

<<  <   >  >>