للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

«ونقله عن فلان» «ونص عبارته»، «ونقله أيضا فلان ونصه»، وهكذا يكرره مرات عديدة بالوسائط بعد أن نقله من الأصل. والمقصود أنه لا ينبغي تعداد الكتب، إلا إذا تغايرت مصادرها حتى يكون في تكرارها تقويةً واعتضادا للنقل الأول.

الثالثة: في قوله: «وهذا أمر مُتفَقٌ عليه بينهم»، وذلك أن حكاية الاتفاق غيرُ مسلمة، وقد وهم ابن مهدي، وردّ عليه ابن عبد البر (١)، ولو اطلع السيد عبد الله على كتب الرجال أو قرأ مجلدا واحدا من «التهذيب» لجزم ببطلان حكاية هذا الاتفاق، فإنها حكاية صادرة عن غير استقراء، بل عن ظن وتخيل.

الرابعة: في انتقاده على الحافظ السيوطي قوله: «ولينه ابن عدي»، وذلك أن الحافظ السيوطي لم يشق عبارة ابن عدي حتى يُنتقد، بل قصد الحكاية عن ابن عدي بأنه ضعفه تضعيفا خفيفا، بحيث لم يقُل فيه «كذاب» ولا «وضاع» ولا «متهم» ولا «ساقط» ولا «متروك»، بل غاية الأمر أنه أقرّ علي بن المديني على كونه انفرد عن الأعمش بأحاديث (٢)؛ والانفراد ليس من الأدلة القاطعة على ضعف الرجل، فكم من ثقة انفرد عن حافظ بكثير من الأحاديث. ولنا في هذا بحث في «فتح الملك العلي» (٣).

على أن كلام علي بن المديني فيه لا ينبغي أن يُعتبر، لأنه من رواية (٤) محمد بن يونس الكديمي وهو وضاع (٥).


(١) في كتاب «الاستغناء في معرفة المشهورين من حملة العلم بالكنى ص ٦٠١، وعبارته بعد نقل كلام ابن مهدي: هذا لا معنى له في اختيار الألفاظ والتأويل فيها على الهوى.» اه، ونقله عنه ابن حجر في تهذيب التهذيب ٨٨/ ٣ خلال ترجمة أبي خلدة، وأقره عليه.
(٢) وعبارة ابن عدي كما في «الكامل» ٥/ ٤٧١: «وهذا الذي قاله علي بن المديني هو كما قال، إنما أنكرت على أبي زهير هذا أحاديث يرويها، عَنِ الأعْمَش لا يتابعه الثقات عليها وله عن غير الأعْمَش غرائب، وهو مِنْ جُمْلَةِ الضعفاء الذين يكتب حديثهم.» أهـ
(٣) كتابه «فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي من أنفس مؤلفات الحافظ أحمد بن الصديق ، وقد طبع مرة في حياته ومرة بعدها.
(٤) فإن ابن عدي رواها في الكامل» ٥/ ٤٧١ خلال ترجمة أبي خلدة، عن ابْن أَبِي عِصْمَةَ، وَمُحمد بن خلف، عن محمد بن يُونُس عن علي بن المديني به.
(٥) ترجمته في ميزان الاعتدال للذهبي ٤/ ٧٤.

<<  <   >  >>