للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إنما قال فيه: صدوق، كما نقله الذهبي نفسه في «الميزان» (١) وشيخه في «تهذيب الكمال» (٢) والحافظ في «تهذيب التهذيب» (٣) والصفي الخزرجي في «الخلاصة» (٤)، ومشهور عن ابن مهدي أنه حدث فقال: حدثنا أبو خلدة، فقيل له: أكان ثقة؟ فقال: كان صدوقا وكان خيرا وكان مأمونا، الثقة شعبة وسفيان. (٥) فأنت ترى عبد الرحمن بن مهدي إمام هذا الشأن جعل الصدوق دون الثقة وهذا أمر متفق عليه بينهم … » الخ

أقول وفي هذا أيضا مناقشات:

الأولى: مناقشته للذهبي في نقل عبارة أبي زرعة ومخالفة ما في «الكاشف» ل «الميزان» و «التهذيب» مناقشة صحيحة في نفس الأمر وتدقيق مُهم، لكنّ هناك فلسفةً أدق وتدقيقا أبلغَ لا يُستفاد من مُجرد قراءة كتب الاصطلاح، بل يُستفاد كغيره من كثير من القواعد المهمة في هذه الصناعة من طول الممارسة وكثرة المزاولة لهذا الفن، مع الذكاء والفطنة. وذلك أن عند المحدثين فرقا بين المصدر والفعل الماضي في كثير من الأشياء، ك «المرسل» و «أرسله فلان» و «فيه إرسال»، فإنه متفق بينهم تقريبا على الفرق بين قولهم «مرسل» وبين قولهم «أرسله فلان» و «فيه إرسال»، ولكنك لا تجد هذا منصوصا عليه في كتب الاصطلاح، وإنما تعرفه كما قلنا من طول الممارسة.

وكذلك هذه المسألة، وهي أن هناك فرقا بين نقل عبارة الموثق والمجرّح بلفظها ورمتها وبين حكاية التوثيق والتجريح عنه.

فلما نقل الذهبي في «الميزان» عبارة أبي زرعة ذكرها كما هي، ولما حكى عنه في «الكاشف» الذي هو مختصر قال: «وثقه»، لأن لفظة صدوق وإن كانت دون ثقة (٦)،


(١) «ميزان الاعتدال» للذهبي ٢/ ٥٩٢.
(٢) «تهذيب الكمال» للمزي ١٧/ ٤٢١.
(٣) «تهذيب التهذيب» للحافظ ابن حجر ٦/ ٢٧٤.
(٤) «خلاصة تذهيب تهذيب الكمال» للخزرجي ص ٢٣٥.
(٥) كما في «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم ٣/ ٣٢٨.
(٦) علق العلامة المحدث سيدي عبد العزيز بن الصديق على الكلام بقوله من خطه: «هذا والله تحقيق

<<  <   >  >>