«قال في «الفردوس» وغيره: يعني المحاريب». اه (١)؛ لكن الذي يظهر لي أنها زيدت ممن فوقهم وإن لم يترجح لي تعيين.
وسواءً كان هذا أو ذاك فلا حجة في تلك الزيادة لأنها ليست من المرفوع جزما، وبذلك ينهار ما بناه المؤلف عليها من كون المراد بالمذابح المنهي عنها هي المحاريب المعروفة الآن؛ على أنه لو فُرض ثبوتُ أن تلك الزيادة من المرفوع لما كان فيها حجة أيضا، لأن المراد بالمحاريب كما قال المناوي في «التيسير» و «فيض القدير» صدور المجالس، والمقصود من الحديث النهي عن التصدي لصدور المجالس والتنافس فيها، لما في ذلك من طلب الرياسة والجاه المذمومين … » الخ
أقول وفي هذا أيضا مناقشات:
الأولى: في قوله «أن جملة - يعني المحاريب - مدرجة من بعض الرواة فسر بها» المذابح «بحسب رأيه» وذلك أن هذا الإدراج ليس عليه دليل من سند الحديث ولا من حديث آخر، فالجزم به غير سديد.
وعلى فرض وجود ما يدل على الإدراج فهو محتمل لأن يكون في بعض الرواة ومحتمل لأن يكون من صحابي الحديث الذي سمع الحديث وعرف مراد النبي ﷺ بإشارته وذكره المذابح، بل هذا هو الأقرب أو المتعين؛ إذ لا يحمل بالصحابي أن يروي عن النبي ﷺ حديثا مجملا ثم لا يبينه، ولا بالراوي التابعي أن يسمع منه حديثا كذلك ثم لا يستفهمه عن معناه وعن المراد بالمذابح المجمل الغريب المعنى.
وعلى فرض أن الإدراج ممن دون الصحابي فهو أيضا حجة لأنه فهم المعنى المراد من السياق وقرائن الأحوال، إذ بعيدٌ أن يحدث الشيخ الطالب بحديث لا يعرفان له معنى، إلا ما كان من قبيل المتشابه كأحاديث الصفات ونحوها، وما عداها فالغالب أن يذكر معناه على حسب ما فهم منه. فلذلك ذكر هنا معناه مقطوعا به، ولو لم يكن
(١) «فيض القدير» للمناوي ١/ ١٤٤ و «التيسير بشرح الجامع الصغير» له ١/ ٣٢.