للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أينال فإنه لما تسلطن أنعم على الخليفة حمزة بإقطاع ثقيل ومال وخلع وخيول وغير ذلك، فظن الخليفة أن هذه الحركة مثل الأولى فجاءه الأمر بخلاف ذلك، وكم من عجلة أعقبت ندامة، وقد قيل في المعنى:

إذا ما أراد الله خيراً لعبده … ينله وما للعبد ما يتخير

وقد يهلك الإنسان من باب أمنه … وينجو بعون الله من حيث يحذر

وكان الخليفة حمزة قام في سلطنة الأشرف أينال قياماً عظيما وخلع الملك المنصور من السلطنة قبل أن ينكسر، وأمر بحرق سبيل المؤمنى حتى أخذوا الميدان، فظن الخليفة أن تكون هذه الفتنة يحصل له فيها مثل تلك المرة، فلما توجه الخليفة إلى بيته أرسل السلطان خلفه وقد بقى له ذنب الذي أرسل يقول له السلطان غيب من بيتك حتى تخمد هذه الفتنة فاستمر مقيما في بيته حتى أركبوه المماليك برضاه وجاء إلى البيت الكبير كما تقدم ذكر ذلك، فلما طلبه السلطان وحضر بين يديه وبخه بالكلام فلم ينطق بالجواب وأمسك لسانه عن ذلك، وكان به بعض صمم، فكان كما قيل:

إذا كان وجه العذر ليس بواضح … فإن اطراح العذر خير من العذر

ثم إن السلطان أمر بإدخاله إلى البحرة فدخل إليها وأقام بها أياماً وهو في الترسيم، ثم إن السلطان رسم بإخراجه إلى السجن بثغر الإسكندرية، فنزل من القلعة بعد المغرب فى سابع رجب وصحبته جانى بك القرماني حاجب الحجاب فأوصله إلى البحر حتى نزل في الحراقة وسار إلى الإسكندرية، فسجن بها إلى أن مات في أواخر دولة الأشرف أينال (١) ودفن بثغر الإسكندرية على شقيقه العباس الذى ولى السلطنة بعد قتلة الناصر فرج بن برقوق، فكانت مدة الخليفة حمزة فى الخلافة أربع سنين وستة أشهر وأياماً، وكان رئيساً حشما كفوا للخلافة، وكان له حرمة وافرة وشهامة زائدة، بايع الملك المنصور عثمان والأشرف أينال، ومن النكت اللطيفة قيل لما


(١) في ١٧ من شوال سنة ٨٦٢ كما سيأتى ذكر ذلك هنا فى موضعه.
انظر أيضا الضوء اللامع ج ٣ ص ١٦٦ رقم ٦٣٩، ونظم العقيان ص ١٠٧ - ١٠٨ رقم ٧٢ • History of the Caliphs، p. ٥٤٢ - ٥٤٣ -

<<  <  ج: ص:  >  >>