للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن محمود بن الديري وفيه (١) خسف جرم القمر وأظلم الجو واسودت الدنيا جدا وكان من معظم الخسوفات وفيه أشيع بين الناس أن السلطان قد عوّل على مسك جماعة من الأمراء الأشرفية، ثم إنه أمر نقيب الجيش بأن يدور على الأمراء عن لسان السلطان ويأمرهم بالصعود إلى القلعة وما عرف السبب في ذلك، فأخذ الأمراء حذرهم من ذلك وباتوا على وجل فلما كان ليلة السبت سابع عشر شهر رمضان وثب جماعة من المماليك الأشرفية والظاهرية واستمالوا معهم جماعة من المماليك الأينالية فلبسوا لامة الحرب وطلعوا إلى الرملة (٢)، فلما عظم الأمر نزل السلطان إلى باب السلسلة وجلس في المقعد المطل على الرملة فاشتد الحرب في ذلك اليوم وفطر فيه غالب العسكر وجرح جماعة من الجند، واستمروا على ذلك حتى حال بينهم الليل ولم يطلع إلى السلطان أحد من الإمراء، وتقلب عليه غالب مماليك أبيه وركبوا مع المماليك الأشرفية وقد لعبوا بهم وأفسدوا عقولهم وضحكوا عليهم فلما أصبح يوم الأحد ثامن عشر رمضان نزل السلطان إلى المقعد المطل على الرملة وثبت للقتال، فلما رأى مماليك أبيه قد وثبوا عليه تحقق أنه مكسور لا محالة، فكان كما قيل:

كنت من كربتى أفر إليهم … فهموا كربتى فأين المفر

ثم كانت الكسرة على المؤيد أحمد فطلع من باب السلسلة وتوجه إلى قاعة البحرة وأمرهم بأن يغلقوا عليه الباب، ثم طلب أخاه الناصرى محمد وأغلق عليهما باب البحرة فلما بلغ العسكر بأن الملك قد اختفى توجهوا إلى بيت الأتابكى خشقدم فأركبوه غصبا وهو يتمنع من ذلك غاية الامتناع


(١) في ليلة الثلاثاء ١٤ منه - النجوم الزاهرة ص ٦٦٠.
(٢) انظر تفاصيل أخرى عن هذه الحوادث التي أدت إلى خلع الملك المؤيد أحمد وتولى السلطان خشقدم ملك مصر فى النجوم الزاهرة ص ٦٦٠ - ٦٨٤، وحوادث الدهور ص ٣٩٥ - ٣٩٨، وانظر أيضاً: أخبار الأول ص ١٩٦، وتحفة الناظرين ص ٢٠٠، ونظم العقيان ص ٤٠ رقم ٢٣، وحسن المحاضرة ج ٢ ص ٨٠، وابن إياس (طبعة كالا ومصطفى) ج ٣ ص ٢٤٢،. Weil، Gesch.d.Abbas.Chalifats in Egypten، II، p. ٢٨٠ - ٢٨٩

<<  <  ج: ص:  >  >>