للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زادَ غيرَ السلامِ منْ غيرِ رفعِ صوتٍ (١)؛ لقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (٢)(الحجرات: ٢)؛ لأن حرمتَهُ ميتًا كحرمته حيًا. وإن حمَّده أحدٌ سلامًا قال: "سلَامٌ علَيكَ مِنْ فُلانٍ" (٢)، ثم يسألُ لنفسِهِ وأهلِه وإخوانِه والمسلمينَ الشفاعةَ. ثمَّ ينحرفُ قليلًا، ويستقبلُ القبلةَ، ويجعلُ الحجرةَ عن يسارِه يسيرًا؛ كيلا يستدبرَه ويدعُو بما أحب (٣)، ومنه: "اللَّهُمَّ إنِّي أَتَيْتُ قَبْرَ نَبيِّكَ مُحَمَّدٍ مُتقَرِّبًا إِلَيْكَ بزِيَارَتهِ، مُتَوسِّلًا إِليْكَ بِهِ (٤)، وَأنْتَ قلْتَ وَقَولُكَ الحَقَّ، وَلَا تُخْلِفُ


= دخل المسجد فقال: "السلامُ عليكَ يا رسولَ الله، السلامُ عليكَ يا أبا بكرٍ، السلام عليكَ يا أبتَاهُ" (١٠٥٧٠) ٥/ ٢٤٥.
(١) انظر: الإقناع ٢/ ٣٢، معونة أولي النهى ٣/ ٤٨٥.
(٢) انظر: هداية السالك ٤/ ١٥١٨، غاية المنتهى ١/ ٤١٩، منهج السالك ٥٤٥.
وقد أُثِر ذلك عن عمر بن عبد العزيز، أنه كان يوجّه بالبريد قاصدًا إلى المدينة ليقرئ عنه النبي السلام. نقله في الدر المنثور ١/ ٥٧٠.
والصحيح: أنه حيث صلَّى المسلم على النبي أو سلَّم عليه فإن الله يوصل صلاته وسلامه إليه؛ لما في السنن عن أوس بن أوس أن النبي قال: "أكثِرُوا عَليَّ منَ الصَّلَاةِ يَومَ الجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ الجُمُعَةِ؛ فَإِن صَلَاتكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ" قالوا: وَكَيفَ تُعرَضُ صَلاتُنا عليكَ وَقدْ أَرِمْتَ؟ قال: "إِنَّ الله حَرَّمَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ". أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة (١٠٤٧) ١/ ٣٤٢، فالصلاة تصل إليه من البعيدِ كما تصل إليه من القريبِ. وقد أمرنَا الله أن نصليَ عليه، وشرع ذلك لنا في كل صلاة أن نثْنِي على الله بالتحيات ثم نقول: "السَّلَامُ علَيكَ أيها النَّبِي ورَحْمةُ الله وبَرَكاتُه". وهذا السلامُ يصلُ إليه من مشارقِ الأرض ومغاربها. انظر: مجموع الفتاوى ٢٧/ ٣٢٢.
(٣) قال في المبدع: "وظاهره: قرُبَ من الحجرة أو بَعُدَ منها". انظر: المبدع ٣/ ٢٥٩، الإقناع ٢/ ٣٢.
وهذا إن كان لاعتقاد في فضل الدعاء في هذا المكان فيحرم، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أنَّه بدعة، إذ لم يرد عن أحد من الصحابة والتابعيق أنهم كانوا يقصدون القبر للدعاء، إنما كانوا يسلِّمون عليه وعلى صاحبيه ثم ينصرفون. أما الدعاء عند القبر مطلقًا فلا يمنع منه، وإنما المكروه أن يتحرى المجيء إلى القبر للدعاء عنده. انظر: مجموع الفتاوى ٢٤/ ٣٢٨، اقتضاء الصراط المستقيم ٢٣٩.
(٤) التوسل بالنبي بمعنى التوسل بدُعائه للمتوسِّل، أو التوسل بجاهه عند الله - وقع النزاع في جوازها، وجمهور العلماء على أنه لا يجوز التوسل بالنبي وبجاهه، وأنه توسل لم يشرعه النبي لأصحابه، ولا وُجِد في كلام الصحابة والتابعين لهم بإحسان. =

<<  <  ج: ص:  >  >>