كتاب مسلك الراغب لشرح دليل الطالب

وقالَ المجدُ (١) وغيرُه من الأصحابِ: "ينعقدُ إحرامُه - أي: الصغيرِ والقنِّ - موقوفًا، فإذَا تغيرَ حالُه إلى بلوغٍ وحريةٍ تبيَّنَ فرضيتُه" (٢). (مَما لَمْ يَكُنِ) الصغيرُ أو الرقيقُ (أَحْرَمَ مُفْرِدًا) بالحجِّ، (أَوْ قَارِنًا) بالحجِّ والعمرةِ، (وَ) قدْ (سَعَى) الصغيرُ أو الرقيقُ (بَعْدَ طَوَافِ القُدُوْمِ) وقبلَ الوقوفِ بعرفةَ (٣)، ولو أعادَ السعيَ بعدَ البلوغِ أوِ العتقِ (٤)؛ لأنَّ السعيَ لا يُشرعُ مجاوزةُ عددِه، ولا تكرارُه، بخلافِ الوقوفِ، فاستدامتُه مشروعةٌ، ولا قدرَ لهُ محدودٌ. [وقيلَ: يجزيهِ إذا أعادَ السعيَ؛ لحصولِ الركنِ الأعظمِ - وهو الوقوفُ - وتبعيةُ غيرِه له] (٥).

ويُحرِمُ المميزُ (٦) بنفسِه بإذنِ وليّهِ (٧). وليسَ لوليِّهِ تحليلُه إذا أحرمَ (٨). ولا يصحُّ بغيرِ إذنِ وليهِ (٩). وغيرُ المميزِ يحرمُ عنهُ وليُّه (١٠)، ولو كانَ الوليُّ محرمًا، ولوْ

(١) هو: أبو البركات، عبد السلام بن عبد الله بن الخضر بن محمد الحراني تقدمت ترجمته في الجزء الأول.
(٢) نقله عنه في: التنقيح المشبع ٩٦، والإقناع ١/ ٥٣٦.
والمذهب: الأول، كما ذكر المصنِّف عن التنقيح، وهو كذلك في الإقناع - وقد سبق -، والمنتهى ١/ ١٧٣.
(٣) أي: فلا يجزئهما الحج حينئذٍ عن الفريضة لو بلغ أو عتق في وقت الوقوف؛ لوقوع ركنٍ من أركان الحج قبل البلوغ والعتق. انظر: شرح الزركشي ١/ ٤٦٢، الإنصاف ٣/ ٣٨٩، غاية المنتهى ١/ ٣٥١.
(٤) انظر: المبدع ٣/ ٨٦، الإقناع ١/ ٥٣٦، معونة أولي النهى ٣/ ١٦٠.
(٥) وهو ظاهر كلام ابن قدامة في المقنع ١٠٩، والمغني ٥/ ٤٥، واختاره القاضي أبو يعلى وأبو الخطاب كما في الإنصاف ٣/ ٣٨٩، وقال في التنقيح ٩٦: "وهو الأظهر".
والصحيح في المذهب: أنه لا يجزيه. قدمه في الإقناع ١/ ٥٣٦، وجزم به في المنتهى ١/ ١٧٣، وصححه في الغاية ١/ ٣٥١، وقَبْلَهُ في الإنصاف ٣/ ٣٨٩، وقال ابن مفلح: وهو أشبه بتعليل أحمد الفروع ٥/ ٢٢٤.
(٦) المميِّز: من لم يبلغ شرعًا، وبلغ سنَّ التمييز، وهي السنُّ التي يستطيع أن يفرِّق بها بين الضار والنافع، وهي في الغالب السن السابعة. انظر: معجم لغة الفقهاء ٢٧٤، معجم مصطلحات أصول الفقه ١٤٨.
(٧) انظر: الشرح الكبير ٣/ ١٦٣، الممتع ٢/ ٣٠٩، معونة أولي النهى ٣/ ١٦١.
(٨) انظر: الإقناع ١/ ٥٣٦، مطالب أولي النهى ٢/ ٢٧٠.
(٩) قدمه في المحرر ١/ ٢٣٤، وانظر: الكافي ١/ ٣٨٢، المبدع ٣/ ٨٧، الإقناع ١/ ٥٣٦.
(١٠) ومعنى إحرامه عنه: أي: يعقده له بالنية، كما يعقد له النكاح. المغني ٥/ ٥١، الممتع ٢/ ٣٠٩، المبدع ٣/ ٨٧.