للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأيهما غلب صاحبه هلك (١). قال الشيخ تقي الدين: "هذا العدل" (٢).

وسن أن يليه إذا اشتد عليه كرب الموت أرفق أهله به، وأعرفهم بمداراته، وأتقاهم لله تعالى (٣)، وأن يتعاهد بلّ حلقه بماءٍ، أو شراب، ويندِّي شفتيه بقطنة (٤)؛ لأن ذلك يطفئ ما نزل به من الشدة، ويسهل عليه النطق بالشهادة.

(و) يسن (تلقينه عند موته) قول ("لا إله إلَّا الله" مرّة) (٥) لحديث: "لقنوا موتاكم لا إله إلَّا الله" (٦)، وسمي المحتضر ميتًا باعتبار ما هو واقع به (٧)، واقتصر على الشهادة؛ لأن إقراره بها إقرار بالأخرى. وقال بعض العلماء: يلقن الشهادتين (٨). وقال أبو المعالي: "يكره تلقين الورثة، ما لم يكن غيره" (٩).

فائدة: قال العلامة العلقمي ، من أئمة الشافعية (١٠)، في "حاشيته على الجامع الصغير": "أما إذا كان المحتضر كافرًا، فينبغي الجزم بتلقين الشهادتين؛ لأنه لا يصير مسلمًا إلَّا بهما. ولا يقول في التلقين: قل، بل يقول بحضرته؛ ليسمع


(١) قوله: "فأيهما غلب صاحبه هلك" هذه زيادة في رواية. ينظر: الإنصاف ٦/ ١٠.
(٢) نقله عنه في الفروع ٣/ ٢٥٩. وفي الفتاوى الكبرى ٤/ ٤٤٣ والاختيارات ص ١٢٩: "وينبغي للمؤمن أن يكون خوفه ورجاؤه واحدًا، فأيهما غلب هلك صاحبه، ونص عليه الإمام أحمد؛ لأن من غلب خوفه وقع في نوع من اليأس، ومن غلب رجاؤه وقع في نوع من الأمن من مكر الله".
(٣) ينظر: الهداية ص ١١٨، الإقناع ١/ ٣٢٩، غاية المنتهى ١/ ٢٦٠.
(٤) ينظر: الهداية ص ١١٨، الإنصاف ٦/ ١٣، شرح المنتهى ٢/ ٧٢.
(٥) ينظر: المحرر ١/ ٢٨٢، الإنصاف ٦/ ١٣، شرح المنتهى ٢/ ٧٢.
(٦) أخرجه مسلم في صحيحه، من حديث أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة . صحيح مسلم، كتاب الجنائز، رقم (٩١٦ و ٩١٧)، ٢/ ٦٣١.
(٧) ينظر: غريب الحديث للخطابي ١/ ٣٢٨.
(٨) قاله بعض المالكية، وجماعة من متأخري الشافعية، وابن حزم. ينظر: مواهب الجليل ٢/ ٢١٩، بلغة السالك ١/ ٣٦٧، المجموع ٥/ ١١٥، حاشيتي قليوبي وعميرة ١/ ٣٧٤ - ٣٧٥، المحلى ٥/ ١٥٧.
(٩) نقله عنه في الفروع ٣/ ٢٧١، والإنصاف ٦/ ١٣.
(١٠) هو: العلامة، شمس الدين، محمد بن عبد الرَّحمن بن علي العلقمي الشافعي ، ولد سنة سبع وتسعين وثمانمائة، وكان من تلاميذ جلال الدين السيوطي، ومن المدرسين بجامع الأزهر، له "الكوكب المنير بشرح الجامع الصغير"، و"مختصر إتحاف المهرة"، و"ملتقى البحرين". توفي سنة تسع وستين وتسعمائة. ينظر: شذرات الذهب ٨/ ٣٣٨، الأعلام ٦/ ١٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>