للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا في نفل مسافرٍ سفرًا مباحًا، ولو كان ماشيًا، ولو سفرًا قصيرًا، دون فرسخ (١)، نص عليه (٢)، فيصلي لجهة سيره (٣)؛ لقوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ) [البقرة: ١١٥] قال ابن عمر: "نزلت في التطوع خاصة" (٤)، ولحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما مرفوعًا: "كان يصلي على ظهر راحلته، حيث كان وجهه، يومئ برأسه " وكان ابن عمر يفعله. متفق عليه، وللبخاري: "إلا الفرائض" (٥).

فيلزم المتنفل لجهة سيره، افتتاح الصلاة بالإحرام -مع الإمكان- إلى القبلة بالدابة، أو بنفسه، ويركع ويسجد أيضًا للقبلة، إن أمكنه بلا مشقة، وإلا، فيحرم إلى جهة سيره. ويومئ بركوع وسجود، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه، ويلزمه الطمأنينة. وراكب المحفة (٦) الواسعة، والسفينة، والراحلة الواقفة، يلزمه الاستقبال في كل صلاته (٧).

ومن كان سيره لجهة القبلة، فعدلت به دابته إلى غير جهة القبلة؛ فإن علم بعدولها، وقدر على ردها، ولم يفعل أطال العدول، أو لم يطل]، بطلت. وإن لم يقدر على ردها؛ لعجزه عنها، فإن طال الزمن عرفًا، بطلت، وإلا، لم تبطل (٨). وإن عدل هو عمدًا، بطلت، وإن كان لغفلة، أو نوم، أو جهل، أو ظن أنها جهة


(١) الفرسخ: فارسي معرب، وهو ثلاثة أميال. ينظر: المطلع ص ١٠٣. وهو يعادل ٥٥٤٠ مترًا.
ينظر: التعليق على الإيضاح والتبيان ص ٧٧.
(٢) ينظر: الفروع ٢/ ١٢٠.
(٣) ينظر: الرعاية الصغرى ١/ ٨١، الإنصاف ٣/ ٣٢٠، شرح المنتهى ١/ ٣٤١.
(٤) رواه البيهقي في السنن الكبرى ٢/ ١١، ونحوه في صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين، رقم (٧٠٠)، ١/ ٤٨٧.
(٥) صحيح البخاري، كتاب الوتر، باب الوتر على الدابة، رقم (٩٥٥)، ١/ ٣٣٩، وكتاب تقصير الصلاة، باب ينزل للمكتوبة، رقم (١٠٤٧)، ١/ ٣٧١، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، رقم (٧٠٠)، ١/ ٤٨٧، وفي مسلم: "غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة".
(٦) المحفة: مركب للنساء؛ كالهودج، إلا أن الهودج يقبب، والمحفة لا تقبب، سميت بذلك؛ لأن الخشب يحف ويحيط بالقاعد فيها من جميع جوانبه. ينظر: المحكم ٢/ ٥٣٩، لسان العرب ٩/ ٤٩، مادة: (حفف).
(٧) ينظر: المغني ٢/ ٩٧، الإنصاف ٣/ ٣١٩ و ٣٢٧، معونة أولي النهى ٢/ ٦٢.
(٨) ينظر: الفروع ٢/ ١٢١، الإنصاف ٣/ ٣٢٨، كشاف القناع ٢/ ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>