للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم. ولو رضيَ أهلُ البلدِ بذلك (١)، لعمومِ الخبرِ. فإن فُقِدَ شيءٌ مما ذكِرَ -بأن كانَ القادمُ من أهلِ البلدِ، أو بعثَ بها للحاضرِ، أو قدمَ البادي لا ليبيعَ السلعةَ، أو ليبيعَها لا بسعرِ الوقتِ، أو ليبيعَها به ولكنْ لا يجهلُه، أو يجهلُه ولم يقصدْه الحاضرُ العارفُ، أو قصدَه ولم يكنْ بالناسِ إليها حاجةٌ- امتنعتِ الحرمةُ (و)، (٢) صحَّ البيعُ (٣)، كما يصحُّ شراءُ الحاضرِ من البائعِ (٤) منْ غيرِ سمسارٍ (٥)؛ لأنَّ النهيَ لم يتناولْه لفظًا ولا معنًى؛ لأنَّ في شرائِه له ليسَ فيه توسعةٌ على الناسِ ولا تضييقٌ. ويجبُ على من استخبرَ عارفًا بسعرٍ أن يخبِرَ بسعرِ ما جهِلَه المستخبِرُ (٦)؛ لوجوب النصحِ عليهِ.

ومنْ خافَ ضيعةَ مالِه بنهبِ أو سرقةٍ أو غصب أو غرمٍ ونحوِه إذا كانَ بيدِه، أو خافَ أن يؤخذَ منه ظلمًا، فبًاعَه، صحَّ البيعُ له (٧)، لعدم الإكراهِ. ومن استولَى على ملكِ غيرِه بلا حق كغصبِ، أو أنكرَه حتى يبيعَه لهُ، أَو منعَه الغيرُ عنهُ حتى يبيعَه إياهُ، ففعلَ، لم يصحَّ البَيعُ (٨). ومنْ أودعَ شهادةً خوفًا على ضياعِ مالِه بأنَّه يبيعُه (أو يتبرعُ به) لفلانٍ خوفًا وتقيةً، ففعلَ، عملَ بإيداعِ الشهادةِ، واستخلصَ المالَ (٩). ومن قالَ لآخر: اشترنِي من فلانٍ؛ فإنِّي عبدُه، فظهرَ حرًّا، فإن أخذَ القائلُ شيئًا استُخلصَ منه، وإلا لم يلزمْه ما أخذَه البائعُ، ويطالبُ البائعُ بما أخذَه، وأُدِّبَ


(١) انظر: الفروع ٦/ ١٧٥، معونة أولي النهى ٤/ ٦١، غاية المنتهى ٢/ ١٩.
(٢) زيادة يقتضيها السياق.
(٣) انظر: الهداية ١٦٠، المحرر ١/ ٣١١، كشاف القناع ٣/ ١٨٤.
(٤) كذا في الأصل: (من البائع). والبائع هنا هو البادي. وهذه المسألة صحيحة كذلك مع أني لم أجد من نصَّ عليها. والذي يذكره الحنابلة في الباب: شراء الحاضر للبادي. والظاهر: أن المصنِّف أراد هذه المسألة؛ لأن التعليل الذي ذكره هو ما ذكروه الفقهاء في مسألة الشراء له، ثم إنه قال في التعليل: "لأن في شرائه له"، مع أن مسألته في الشراء منه.
(٥) انظر في المسألة التي عند الحنابلة: المقنع ١٥٦، الفروع ٦/ ١٧٥، التوضيح ٢/ ٦٠٢.
(٦) انظر: المبدع ٤/ ٤٧، معونة أولي النهى ٤/ ٦٣، غاية المنتهى ٢/ ١٩.
(٧) انظر الإنصاف ٤/ ٢٦٥، الإقناع ٢/ ١٥٥، غاية المنتهى ٢/ ١٩. وهذا ليس في بيع التلجئة والأمانة، وإلا فقد تقدم بطلان هذا البيع. ذكره المرداوي في تصحيحه. الفروع (التصحيح) ٦/ ١٧٧.
(٨) انظر: الفروع ٦/ ١٧٧، منتهى الإرادات ١/ ٢٥١، كشاف القناع ٣/ ١٥٠.
(٩) انظر: الإنصاف ٤/ ٢٦٥، معونة أولي النهى ٤/ ٦٣، غاية المنتهى ٢/ ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>