للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقفَها على المسلمينَ (١). ويصحُّ بيعُ المساكنِ التي وُجدَتْ بها حالَ الفتحِ، وما حدثَ بعدَ الفتحِ (٢)؛ لأنَّ الصحابةَ اقتطعُوا الخُطَطَ بالكوفةِ (٣) والبصرةِ (٤) زمنَ أميرِ المؤمنينَ عمرَ وبنَوها مساكنَ وتبايعُوها من غيرِ نكيرٍ، فكان كالإجماعِ. وقدَّمَ في "الفروعِ": عدمَ جوازِ بيعِ بناءٍ ليسَ منها (٥). وإن رأَى الإمامُ المصلحةَ في بيعِ شيءٍ منهَا مثلَ أرضٍ تحتاجُ إلى العمارةِ، ولا يعمرُها إلا من يشتريهَا، فباعَه أو أقطعَه


(١) أخرجه البخاري عن عمر أنه قال: "لولَا آخرُ المسلِمِينَ مَا فتَحْتُ قرْيةً إلَّا قسَمْتُها بينَ أهلِهَا كمَا قسمَ النَّبي خيبرَ". في كتاب الحرث والمزارعة، باب أوقاف أصحاب النبي وأرض الخراج ومزارعتهم ومعاملتهم. (٢٣٣٤) ٢/ ٨٢٢. قال ابن حجر: "وقد صنع ذلك عمر في أرض السواد". فتح الباري ٥/ ٢٢. وأخرج أبو عبيد في الأموال (١٤٦) ٥٩، عن إبراهيم التيمي قال: "لما فتَحَ المسلمُونَ السوادَ قالوا لعمرَ: اقسِمْهُ بينَنَا، فإنَّا فتَحْنَاهُ عَنْوةً. فأبَى، وقال: "فمَا لمَنْ جاءَ بعدَكُم منَ المسلمينَ؟ وأخَافُ إن قسمتُه أن تفَاسدُوا بينكُم في المياه". قال: فأقرَّ أهلَ السَّوادِ في أرضِيهم وضربَ على رؤوسِهمُ الجزيةَ، وعلى أرضيهم الطَّسقَ، ولم يقسم بينهم". (الطسق: يعني: الخراج. قاله أبو عبيد).
(٢) انظر: الكافي ٢/ ٧، الممتع ٢/ ٣٨٨، المبدع ٤/ ١٨.
(٣) الكوفة: مدينة معروفة في العراق، اختطَّها سعد بن أبي وقاص سنة ١٧ هـ، واتخذها علي عاصمة الخلافة، وتقع على نهر الفرات، على مسافة ١٥٦ كم من بغداد. وكانت قد تكوَّنت قبل بغداد، وكانت منافسة للبصرة، ثم لما تأسست بغداد أخذت الكوفة تفقد قرنًا بعد قرن كثيرًا من مكانتها العملية والسياسية، وتحولت إلى قرية صغيرة تطوقها الخرائب والآكام، ولا معلم فيها إلا مسجدها الكبير الذي اعيل فيه أمير المؤمنين علي . انظر: معجم البلدان ٤/ ٤٩٠، معجم الأمكنة ٣٧٧، معجم المعالم الجغرافية ٢٦٦.
(٤) البصرة: من مُدُن العراق، تقع على الشاطئ الغربي لشطِّ العربِ قربَ مصبه في الخليج، على نحو اثني عشر ميلًا من فيض دجلة، وهي ميناء العراق، سميت بصرة لغلظها وشدتها، وهي مدينة كثيرة النخل والأشجار، اختطها عتبة بن غزوان، في عهد عمر بن الخطاب. انظر: معجم البلدان ١/ ٤٣٠، الروض المعطار ١٠٥، معجم المعالم الجغرافية ٤٤، بلدان الخلافة الشرقية ٦٤، عنوان المجد ١٦١.
(٥) انظره في: ٦/ ١٦٧. لكن قال ابن قندس في الحاشية: "يحتمل أن يكون عطفًا على إجارتها، أي: ويجوز بيع بناءٍ". قلت: لأنه ذكر قبل هذه المسألة جواز إجارة ما فتح عنوة في قوله: "وتجوز إجارتها". ولعل هذا هو الصحيح، ويؤيد أن يكون مرجع الضمير إلى الجواز: أنه حكى رواية المنع بعدها فقال: "وَبَيْعُ بنَاءٍ ليس منها وَغَرْسٍ مُحْدَثٍ وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ وَيَعْقُوبُ الْمَنْعَ". فمفهومه: أن الأولى تعني الجَواز. وكذلك حكى البهوتي في شرح الإقناع، فإنه قال: "وقدم في الفروع أنه يجوز بيع بناء ليس منها (كبيع غرس محدث) فيها فإنه يصح لأنه مملوك لغارسه". والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>