للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيث الجملة، وإن كان لا يستثقل الفتحة لخفّتها، وأنشد على تسكين همزتها (١):

صريع خمر قام من وكاءته … كقومة الشيخ إلى منسأته

وقد طعن قوم على هذه القراءة ونسبوا راويها إلى الغلط، قالوا: لأنّ قياس تخفيفها إنّما هو تسهيلها بين بين، فظنّ الراوي أنّهم سكّنوا، وضعّفها أيضا بعضهم:

بأنّه يلزم سكون ما قبل تاء التّأنيث، ساكنا غير ألف وهو لم يوجد، وأجيب:" بأنّه لا وجه لتضعيفها لثبوتها في النقل الصحيح "، وقرأ الباقون بالهمزة المفتوحة على الأصل لأنّها «مفعلة» ك «مكنسة»، وهي لغة تميم، والمنسأة: العصاة، وكان داوود أسّس بيت المقدس في موضع فسطاط موسى فمات قبل تمامه فوصى به إلى سليمان، فاستعمل الجن فيه فلم يتم بعد إذ دنا أجله وأعلم به فأراد أن يعمّي عليهم موته ليتموا، فدعاهم فبنوا عليه صرحا من قوارير ليس له باب، فقام يصلي متكئا على عصاه فقبضت روحه وهو متكئ عليها، وبقى كذلك حتى أكلتها الأرضة فخرّ ثمّ فتحوا عنه، وقيل: إنّ سليمان دخل الصرح متخليا ليصفوا له يوم من الدهر من الكدر فدخل عليه ملك الموت لقبض روحه، فقال: سبحان الله هذا اليوم الذي طلبت فيه الصفا، فقال له: لقد طلبت ما لم يخلق فاستوثق من الاتكاء على عصاه فقبض روحه وبقيت الجن تعمل على عادتها، وكان سليمان قصد تعمية موته لأنّه كان بقي في تمام بناء المسجد عمل سنة، وكان عمره ثلاثا وخمسين سنة ملك بعد موت أبيه وهو ابن ثلاثة عشر سنة، وابتدأ عمارة بيت المقدس لأربع مضين من ملكه.

واختلف في ﴿تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ﴾ (٢) فرويس بضمّ التّاء الأولى والموحدة وكسر الياء المشددة على البناء للمفعول، وقرأ الباقون بفتح الثّلاثة على البناء/للفاعل مسندا


(١) البيت من الرجز، لا يعرف قائلة، والشاهد: إثبات إسكان الهمزة في (منسأته)، انظر: معاني القراءات للأزهري، الكشف ٢/ ٢٠٥، البحر المحيط ٨/ ٥٣١، الدر المصون ١٢/ ٧٥.
(٢) سبأ: ١٤، النشر ٢/ ٣٥١، المبهج ٢/ ٧٦٩، مصطلح الإشارات: ٤٣٢، إيضاح الرموز: ٦٠٢، الدر المصون ٢/ ١٦٧، البحر المحيط ٨/ ٥٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>