للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصله: منساته أبدلت الهمزة ألفا بدلا غير قياسي، وبذلك طعن قوم على هذه القراءة وأجيب: بأنّها لغة حجازية ثابتة فلا يلتفت لطعن الطاعن، وقد قال أبو عمرو: "أنا لا أهمزها لأني لا أعرف لها اشتقاقا فإن كانت ممّا لا يهمز فقد احتطت، وإن كانت تهمز فقد يجوز أن يترك الهمز فيما يهمز"، قال في (الدر) (١): "وهذا الذي ذكره أبو عمرو أحسن ما يقال في هذا ونظائره" انتهى، و «المنسأة» اسم آلة من نسأه، أي: أخرّه ك «المكسحة» و «المكنسة»، وافقهم اليزيدي والحسن، وقرأ ابن ذكوان، والداجوني عن هشام بهمزة ساكنة وفيه وجهان:

أحدهما: أنّه أبدل الهمزة ألفا كما أبدلها نافع ومن معه ثمّ أبدل هذه الألف همزة على لغة من يقول: "العألم والخأتم" ذكره ابن مالك، وتعقبه في (الدر) فقال: "وهذا لا أدري ما حمله عليه، كيف يعتقد أنّه هرب من شيء ثمّ يعود إليه؟، وأيضا فإنّهم نصّوا على أنّه إذا أبدل من الألف همزة فإن كان لتلك الألف حركة حرّكت هذه الهمزة بحركة أصل الألف، وأنشد أبو الحسن بن عصفور على ذلك (٢):

ولّى نعام بني صفوان زوزأة … ..

قال: الأصل: «زوزاة»، وأصل هذا: «زوزوة»، فلمّا أبدل من الألف همزة حرّكها بحركة الواو، وإذا عرفت هذا فكان ينبغي أن تبدل هذه الألف همزة مفتوحة؛ لأنّها عن أصل متحرك، وهو الهمزة المفتوحة، فتعود إلى الأوّل، وهذا لا يقال.

الثّاني: أنّه سكّن الفتحة تخفيفا، والفتحة قد سكنت في مواضع تقدم التنبيه عليها، ويحسّنه هنا: أنّ الهمزة تشبه حروف العلة، وحروف العلة تستثقل عليه الحركة من


(١) الدر المصون ٩/ ١٦٥.
(٢) البيت لزيد بن كثوة، وتمامه:
ولّى نعام بني صفوان زوزأة … لّما رأي أسدا في الغاب قد وثبا
انظر: المقرب لابن عصفور: ١٠٧، الخصائص ٣/ ١٤٥، سر صناعة الإعراب ٣/ ١٤٥، المحكم ٢/ ١٩٦، ٩/ ٧٢، ضرائر الشعر: ٢٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>