للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هبة الله [فيما انفرد به الحنبلي] (١)، قال الجعبري: "كلّ كلمتين اتفقتا في الحروف، واختلفتا بالتقديم والتأخير فهما إمّا أصلان ك «وقل»، و «قال»: أو أحدهما أصل والأخرى مقلوبة منها كمسئلتنا، ولمعرفة القلب طرق: أحدها: الأصل ف «أيس» فرع «يئس ييأس» لليأس، و «استفعل» بمعنى «فعل» ك: استعجب، واليأس من الشيء:

عدم توقعه، وقيل: ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ﴾ بمعنى يعلم، لغة النخع (٢)، وأنشدوا عليها (٣):

أقول لهم بالشّعب إذ يأسرونني … ألم تيأسوا أنّي ابن فارس زهدم

فوجه الهمز الأصل لأنّ الأصل تقديم الياء على الهمزة كما سبق التنبيه عليه في باب «الهمز المفرد»، ووجه/الألف والياء أنّها مقلوبة أخرت الفاء التي هي ياء ساكنة إلى موضع العين التي هي همزة مفتوحة، وأعطي كلّ صفة الآخر لحلوله محله، فانفتحت الياء وسكنت الهمزة ثمّ قلبت ألفا لسكونها بعد الفتح جبرا للفرع بالخفة، ولتكمل لغة التّخفيف، ووزنها الآن «استعفل» و «يعفل»، وعليها رسم ﴿يَيْأَسُ﴾ و ﴿وَلا تَيْأَسُوا﴾ " انتهى، وسيأتي في الرّسم إن شاء الله تعالى.

واتفقوا على رفع ﴿وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ﴾ (٤) على قطعه عن الإضافة لفظا، أي:

من قبل هذا، و «ما» مزيدة.


(١) ما بين المعقوفين سقط من الأصل.
(٢) قبيلة من الأزد، وقيل قبيلة من اليمن، الصحاح ٣/ ١٢٨٩.
(٣) البيت من بحر الطويل، وهو لسحيم بن وثيل اليربوعي الرياحي، وقيل: إنه لولده جابر بن سحيم بدليل قوله فيه: "أنى ابن فارس زهدم".
وقوله: "يأسرونني" من الأسر، ويروى: "يسرونني" من أسار الجزور، أي: يحتزونني، ويقتسمونني، وزهدم: اسم فرس سحيم سمي به لسرعته، وهو في الأصل: فرخ البازي.
والشاهد فيه: مجئ قوله: "ألم تيأسوا" بمعنى: ألم تعلموا، وهو من شواهد جامع البيان ١٣/ ١٥٣، والحجة ٤/ ٤٣٧ برواية: "أقول لأهل الشعب إذ ييسرونني"، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ٢٢٨، الصحاح «يئس» ٣/ ٩٩٣، والكشاف ٢/ ٥٣٠، وأساس البلاغة: «يئس» ٥١١، والمحتسب ١/ ٣٥٧، واللسان «يأس» ٦/ ٤٩٤٦، «زهدم» ٣/ ٨٧٧، والدر المصون ٧/ ٥٣.
(٤) يوسف: ٨٠، الدر المصون ٦/ ٥٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>