للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله:

فخرًا لعضبٍ أروح مشتمله ... وسمهري أروح معتقله

صرع في غير أول القصيدة, وذلك كثير في الأشعار القديمة والمحدثة, ونصب فخرًا بإضمار فعلٍ؛ كأنه قال: اذكر فخرًا أو نحو ذلك من الأفعال, ويجوز أن يعني: افخر فخرًا؛ أي إن سيفي إن لم ينطق فأنا أفخر عنه بلساني. ومشتمله أخذه من الشمال؛ لأن السيف يتقلد من ناحيتها. ويقال: اعتقل الرجل الرمح إذا ضمه إليه وربما جعله تحت فخذه, وإنما هو مأخوذ من عقلت الشيء إذا حبسته.

وقوله:

وليفخر الفخرإذ غدوت له ... مرتديًا خيره ومنتعله

يقول: الفخر فوقي وتحتي فكأني مرتديه ومنتعل.

وقوله:

جوهرة تفرخ الشراف بها ... وغصة لا يسيغها السفله

جوهرة بدل من الذي إذا تمت صلته في قوله:

أنا الذي بين الإله به الـ ... أقدار [والمرء حيثما جعله]

ويجوز أن ترفع جوهرة بإضمار أنا. والجوهرة التي تقع على (١٥٧/ب) الدرة والياقوتة, يقول أهل العلم: إنها ليست بعربية؛ فأما اشتقاقها فموجود في العربية؛ لأنها من قولك: جهر الشيء إذا ظهر كأن ضوءها بان للعيون. والجواهر في مذهب المتقدمين هي الأجسام, والمتكلمون يجعلون الجوهر في صناعة الكلام الجزء الذي لا يتجزأ, وربما قالوا: الجوهر ما استبد بصفة التحيز.

والسفلة أصلها في أسافل الأشياء؛ يقال: سلفة البعير لما هو أسفل خلقه, ثم شبهوا بذلك سقاط العالم؛ فكثرت هذه الكلمة حتى كسر كثير من الناس السين وسكنوا الفاء؛ كما قالو في كبدٍ: كبد, وفي معدة: معدة. فأما قولهم للواحد: سفلة فهو كلام صحيح؛ لأنه شبه بالشيء المتسافل؛ فجاز أن يقع ذلك على الواحد وعلى الجميع.

<<  <   >  >>