للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جملة العون على إتلافهم ونقصهم من أطرافهم، ولما علم المسلمون باستقرارهم هنالك، نظروا لهم أسباب المهالك.

وعزم سلطان المسلمين-أيّده الله-على أمير جيشه الشيخ الصالح المجاهد أبي سعيد عثمان بن أبي العلا (١)، أعزّه الله، أن يخرج إليهم بإنجاد/٣٣١ أ/حماة المسلمين، وعلية أصناف المجاهدين صبيحة يوم الإثنين الخامس عشر من شهر ربيع الآخر سنة تسع عشرة وسبع ماية، وأخذ الناس في الأهبة لذلك يوم الأحد قبله.

ولما كان عشيّة يوم الأحد غارت سريّة من الجيش على ضيعة من ضياع السلطان القريبة من البلد، فخرج لهم جملة من فرسان الأندلس الرماة المعروفين برماة الدار يقطعوهم (٢) عن الجيش، ومنعوهم الوصول إليه جملة، وأخذوا أمامهم فارّين لجهة أرض المسلمين، فتبعوهم الليل كلّه، وأصبحوا بأرض لوشه (٣)، فاستأصلوهم بالقتل والأسر، وكان أول النصر.

وأصبح يوم الإثنين المبارك على المسلمين وقد غاب من جميع المسلمين هؤلاء الفرسان الذين ينتفع برمايتهم ومحاولتهم في مثل هذا المكان، فلم يبال الشيخ أبو سعيد-أدام الله حياته-بمغيبهم، وعزم على الخروج لأعداء الله يوم عيدهم، فإنه كان اليوم الرابع والعشرين من شهر حزيران، وهو يوم العنصرة أكبر أعيادهم، فخرج لهم مستمسكا بطاعة الرحمن في جماعة نظيفة من الفرسان، منهم ابنا أخيه الشيخان الشقيقان: أبو يحيى، وأبو معروف أميرا (٤) جيش مالقة (٥) ابن الشيخ الشهيد أبي محمد عبد الله بن أبي العلى (٦)، ومنهم أخوهم للأب الشيخ أبو عامر خالد أمير جيش رنده، ومنهم الشيخ العارف أبو مسعود محمد بن علي البابني، ومنهم أمير جيش الخضراء الشيخ أبو المكارم زيّان (٧) بن عبد المؤمن، ولكل واحد من هؤلاء أولاد وأتباع ونظر حسن وأمر مطاع. وخرج مع هؤلاء الفرسان جملة رجال أنجاد نحو من خمسة آلاف رجل من أهل غرناطة، فعزم الشيخ أبو سعيد-أعزّه الله-ومن معه عليهم أن يرجعوا عن أثره حوطة عليهم بجميل نظره، وأن يكون طريق الجبل لهم مصاحبا، لكونه أمنع. ووصّاهم أن يكونوا بموضع معلوم هنالك، فلم يتقدّموا عن حدّه، وأعطاهم الله ونصرهم، وما النصر إلاّ من عنده.


(١) الصواب: «العلاء».
(٢) الصواب: «يقطعونهم».
(٣) لوشة: أرض من إقليم إلبيرة بالأندلس. (الروض المعطار ١٧٣).
(٤) في نهاية الأرب ٣٢/ ٣١٠ «أبو معروف أمير جيش».
(٥) مالقة: مدينة بالأندلس، كانت ثغرا حصينا على بحر الروم.
(٦) في نهاية الأرب ٣٢/ ٣١١ «بن أبي العلاء».
(٧) في نهاية الأرب ٣٢/ ٣٣١ «ريان».

<<  <  ج: ص:  >  >>