للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإحسان مأخوذ من الحُسْنِ، وهو كلُّ ما مُدِحَ صاحِبُه، ويكون في كلِّ شيء بحسبه، قال النَّبِيُّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ: " إِنَّ الله كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ" (١).

والإحسان من خصائص الإسلام، ومن الأخلاق الاجتماعيَّة العِظَام الَّتي دعا لها، والَّتي ينبغي أن نتعايش بها، ونربِّي النَّشء عليها، فقد أمرنا الله بالإحسان إلى الوالدين، وذي القربى، واليتامى، والمساكين، والجار، والبنات والبنين، وأن نقول للنَّاس حسنى ... ومثل هذا يتَّسع البحث فيه، وهو أكثر من إيراد شواهده، وكلُّه يؤكِّدُ على أنَّ دين الإسلام فيه ما فيه من نظام اجتماعيّ وحضاريّ يضمن السَّعادة والنَّجاة والفوز للعالمين أجمعين.

ولا ريب أنَّ رأس الإحسان وعموده الإحسان في العبادة، فقد فسَّرَ النَّبِيُّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ الإحسان لمَّا سأله جبريل ـ - عليه السلام - ـ: " مَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ: أَنْ تَعْبُدَ الله كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ " (٢) ولذلك يقول النَّبِيُّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ: " نِعْمَ مَا لِأَحَدِهِمْ يُحْسِنُ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَيَنْصَحُ لِسَيِّدِه " (٣)

وهذا إحسان العبد، ويترتَّبُ عليه إحسان الرَّبِّ، قال تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٦)} [يونس]

ولمَّا كانَ للإحسان هذا القدر العظيم تجد في القُرآنِ الكَريمِ الأمْرَ به، ومحبَّة الله لأهله: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٩٥)} [البقرة]، ومعية الله لهم: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨)} [النّحل] وأنّ عاقبة أمرهم حسنة:


(١) مسلم "صحيح مسلم بشرح النّووي" (م ٧/ج ١٣/ص ١٠٦) كتاب الصَّيد.
(٢) البخاري: "صحيح البخاري" (م ١/ج ١/ص ١٨) كتاب الإيمان.
(٣) البخاري "صحيح البخاري" (م ٢/ج ٣/ص ١٢٤) في العتق وفضله.

<<  <   >  >>