ورجلٌ موجهٌ ووجيهٌ. وقوله " شيخٌ " ارتفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، وقد مضى القول في التاء من ثمت وربت، وأنه علامة التأنيث للقصة. وجعلت تاءً مفتوحة فرقاً بينها وبين التي تلحق الفعل والاسم.
ورأين رأسي صار وجهاً كله ... إلا قفاي ولحيةٌ ما تضفر
يقول مستمراً في تكلف الجزع إتر ما تولى من الشباب، وباسطاً معذرة النساء فيما استحدثن له: رأينني قد صلعت وانحسر الشعر عن رأسي حتى صار كله كوجهي، وإلا قفاي فإن به نبذاً من الشعر، وإلا لحية لا تقام مقام الذؤابة في الضفر والتجمل. فقوله " لحيةٌ ما تضفر " تحسرٌ على ما عدم في رأسه من الضفائر وإن كانت اللحية لم يعتد ضفرها. وقوله " كله " ارتفع على أنه توكيدٌ المضمر في صار، أو على أنه اسم صار، أو على أنه يرتفع بفعله وفعله ما دل عليه قوله " وجهاً " كأن المراد توجه كله، ويكون كقولك رأيت زيداً قيسياً أبوه، أي تقيس أبوه، ومررت بسرجٍ خز صفته.
ورأين شيخاً قد تحنى صلبه ... يمشي فيقعس أو يكب فيعثر
يقول: ورأين شيخاً منحني الصلب، محدودب الظهر، يمشي مشية القعسان إذا استمر في المشي، أو يتعثر فيسقط لوجهه. وكان الواجب أن يقول: أو يعثر فيكب، لأن العثار قبل السقوط للوجه، لكنه لم يبال بتغيير الترتيب، لأمنه من الالتباس، وهذا دون ما يجيء في كلامهم من القلب، مثل قوله:
كما أسلمت وحشيةٌ وهقا
وكقول امرئ القيس:
كما زلت الصفواء بالمتنزل
ويقال: قعس يقعس، إذا صار أقعس خلقةً فيه، وقعس يقعس قعساناً إذا مشى مشية الأقعس تكلفاً، ومثله عرج يعرج وعرج. ويقال: أكب زيدٌ فلا يتعدى؛ وكبة الله لوجهه، وهذا على العكس مما عليه أكثر الأفعال. ومثله أقلع الغيم وقلعه الله.