ذُكر أن شابًا صالحًا يحب الأخيار ومجالستهم، وكان والده يكره الصالحين وإذا رآهم مع ابنه ربما طردهم من المنزل غير مراع شعور ابنه الصالح الذي ظل يدعو والده ويدعو له ... وفي ليلة من الليالي قام في ثلث الليل وصلى وفي آخر ركعة رفع يديه إلى السماء وبدأ يدعو لوالده ودموعه تنهمر من عينيه، وفي تلك اللحظات المفعمة بصدق الالتجاء إلى الله - تعالى - دخل والده البيت قادمًا من إحدى سهراته وسمع بالبيت باكيًا يبكي بحرقة وألم، فالتمس مصدر الصوت حتى وصل إليه فإذا هو ابنه يتضرع إلى الله تعالى أن يهدي والده فتأثر وجلس على ركبتيه عند باب الغرفة وأخذ يبكي ويراجع نفسه ويقول: ولدي يدعو لي وأنا أضايقه، ولدي يدعو لي وأنا أحاربه، ولما انتهى الابن من صلاته وفتح الباب إذ بوالده جالس يبكي، فلمار آه اشتد بكاؤه وضمه إليه وقال: والله لا أضايقك بعد اليوم، وهداه الله تعالى والعجيب أنهما ربما قاما يصليان آخر الليل سويًا.