في الكتابين [يعني: سنن أبي داود والنسائي]، رواه ركين بن الربيع، عن قاسم، عنه، عن ابن مسعود مرفوعًا: كان يكره الصفرة، وتغيير الشيب ... الحديث، وهذا منكر".
وقال ابن الملقن في التوضيح (١٩/ ٦١٧): "ولم يثبت"، واستشهد به في موضع آخر (٢٥/ ٥٢).
لكن الذهبي في الميزان (٣/ ٣٦٩) ترجم للقاسم بن حسان، وقال: "قال البخاري: حديثه منكر، ولا يعرف"، ثم ذكر له هذا الحديث، لكني لم أجد هذا النقل في التاريخ الكبير (٧/ ١٦١) في ترجمة القاسم بن حسان، ولا نقله عنه لا العقيلي ولا ابن عدي، ولا أدخلا القاسم هذا في ضعفائهما، ولم يدخله ابن حبان في المجروحين، بل أدخله في ثقاته (٥/ ٣٠٥) و (٧/ ٣٣٥)، والقاسم بن حسان هذا من جملة الثقات، وثقه أحمد بن صالح المصري، والعجلي [معرفة الثقات (١٣٦٥)، تاريخ أسماء الثقات (١١٤٨)، التهذيب (٣/ ٤٠٩)، راجع: فضل الرحيم الودود (١٣/ ٢٨٧/ ١٢٤٦)].
وإنما العهدة فيه على: عبد الرحمن بن حرملة؛ فإنه: مجهول، لا يُعرف إلا بهذا الحديث الواحد، ولا يُعرف له سماع من ابن مسعود، وقد روى له شريك حديثًا آخر، لكن وهم فيه شريك، ويبدو أنه دخل له حديث في حديث [انظر: علل الدارقطني (٥/ ٢١٨/ ٨٣١)].
والحاصل: فإنه حديث منكر بهذا السياق؛ تفرد به عن ابن مسعود: عبد الرحمن بن حرملة الكوفي، وهو: مجهول، وقد تفرد في هذا الحديث بلفظة منكرة، ليس لها أصل، وفيها مخالفة للأحاديث الصحيحة، كما تقدم بيانه في كلام الطبري والعقيلي وابن بطال، ونص على نكارته: الذهبي.
* وهذا الحديث مثال على ردِّ حديث المجهول؛ إذا روى منكرًا، والله أعلم.
١٣ - حديث جبير بن مطعم:
رواه أبو هشام محمد بن سليمان بن الحكم القديدي، قال: حدثني أبي، عن إسماعيل بن خالد الخزاعي؛ أن محمد بن جبير بن مطعم، سمع جبير بن مطعم، وهو يقول: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أتحب يا جبير إذا خرجت سفرًا أن تكون من أمثل أصحابك هيئة، وكثرهم زادًا؟ "، فقلت: نعم، بأبي أنت وأمي، قال: "فاقرأ هذه السور الخمس: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)}، و {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١)}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)}، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١)}، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١)}، وافتح كل سورة بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١)}، واختم قراءتك بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١)} ".
قال جبير: وكنت غنيًا كثير المال، فكنت أخرج مع من شاء الله أن أخرج معهم في سفر، فأكون أبذهم هيئةً، وأقلهم زادًا، فما زلت منذ علمنيهنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقرأت بهنَّ، أكون من أحسنهم هيئةً، وأكثرهم زادًا حتى أرجع من سفري ذلك.