وهذا مما يدل على أن يحيى بن حكيم هذا لا يُعرف بغير هذا الحديث، ولا له في كتب الأطراف كالتحفة والإتحاف سوى هذا الحديث الواحد، كما لا يُعرف له سماع في الرواية من عبد الله بن عمرو، ورواية عبد الرزاق عند أحمد تؤكد عدم الاتصال، وقد عده مسلم فيمن تفرد عنه ابن أبي مليكة بالرواية ممن دون الصحابة لمنفردات والوحدان (١٨٢)].
وأما ابن أبي حاتم وابن حبان فلم يزيدا على هذه الترجمة شيئًا، سوى أن قال ابن حبان:"أمه سكينة بنت أبي خلف"، وقال ابن سعد:"وكان يحيى بن حكيم والي مكة ليزيد بن معاوية"، وقيل: حج للناس سنة ثلاث وستين، وهي السنة التي توفي فيها ابن عمرو على قولٍ، أو قبلها بسنتين [طبقات ابن سعد (٥/ ٤٧٥)، أنساب الأشراف (٥/ ٣٠٧)، الجرح والتعديل (٩/ ١٣٤)، الثقات (٥/ ٥٢٢)، تالي تلخيص المتشابه (٢/ ٦٢١)، غنية الملتمس (٦٣٧)، المستخرج من كتب الناس (٣/ ٣٠)، تاريخ دمشق (١١/ ٤١٦) و (٢٨/ ٢٠٧)، الميزان (٤/ ٣٦٩)، التكميل في الجرح والتعديل (٢/ ١٨٣)].
والحاصل: فإن يحيى بن حكيم بن صفوان بن أمية الجمحي: مجهول في الرواية؛ وإن كان أميرًا معروفًا، ولا يُعرف له سماع من ابن عمرو؛ مع تحقق المعاصرة، وحديثه هذا في جملته مستقيم قد ثبت معناه عن عدد من أصحاب عبد الله بن عمرو، كما أن قوله في أوله:"إني أخشى أن يطول عليك زمان أن تمل؛ اقرأه في كل شهر"، معروف من حديث حسين المعلم وعكرمة بن عمار وأبي إسماعيل القناد، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن عمرو، وفيه:"واقرأ القرآن في كل شهر"، قال: قلت: يا نبي الله، إني أطيق أفضل من ذلك، قال:"فاقرأه في كل عشرين"، قال: قلت: يا نبي الله، إني أطيق أفضل من ذلك، قال:"فاقرأه في كل عشر"، قال: قلت: يا نبي الله، إني أطيق أفضل من ذلك، قال:"فاقرأه في كل سبع، ولا تزد على ذلك، فإن لزوجك عليك حقًا، ولزورك عليك حقًا، ولجسدك عليك حقًا"، قال: فشدَّدتُ، فشُدِّد علىَّ، قال: وقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنك لا تدري لعلك يطول بك عمر"، قال: فصرت إلى الذي قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما كبرت وددت أني كنت قبلت رخصة نبي الله - صلى الله عليه وسلم -. [راجع الطرق رقم (٣ و ٤ و ٦)، تحت الحديث رقم (١٣٨٨)؛ وحديث حسين عند البخاري (٦١٣٤)، ومسلم (١١٥٩/ ١٨٣)، وحديث عكرمة عند مسلم (١١٥٩/ ١٨٢)].
ولكن يحيى بن حكيم هذا قد انفرد هنا بهذه العبارة: دعني أستمتع من قوتي وشبابي، وقد رواه الثقات بلفظ: إني أطيق أفضل من ذلك، إني أجد قوةً، إني أجدني أقوى من ذلك، إني أطيق أكثر من ذلك، ونحو ذلك من العبارات، والله أعلم.
فهو حديث صحيح؛ مع جهالة تابعيه وعدم ثبوت اتصاله، لاستقامة متنه، ومجيئه من وجوه أخرى عن ابن عمرو، لكن بدون هذه العبارة: دعني أستمتع من قوتي وشبابي، والله أعلم.