* وروى معاذ بن هشام: حدثني أبي، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول اللّه! إني شيخ كبير عليل، يشق عليَّ القيام، فمرني بليلة لعل اللّه يوفقني فيها لليلة القدر، فقال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "عليك بالسابعة".
وهو حديث صحيح غريب، يأتي ذكره قريبًا، وموضع الشاهد منه: أن السابعة تحتمل التي تبقى، وهي ليلة ثلاث وعشرين.
وبناءً على ما تقدم: فإن حديث أبي الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: أتيت وأنا نائم في رمضان، فقيل لي: إن الليلة ليلة القدر، قال: فقمت وأنا ناعسٌ، فتعلقت ببعض أطناب فسطاط رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتيت رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي، فنظرت في الليلة، فإذا هي ليلة ثلاث وعشرين.
قال: وقال ابن عباس: إن الشيطان يطلع مع الشمس كل ليلة، إلا ليلة القدر، وذلك أنها تطلع يومئذ بيضاء لا شعاع لها.
حديث صحيح من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ أنه كان يصلي ليلة ثلاث وعشرين، والتي رأى ابن عباس في منامه أنها ليلة القدر.
* وقد صح عن ابن عباس أنه كان يوقظ أهله ليلة ثلاث وعشرين:
فقد روى يحيى بن سعيد القطان [ثقة حجة إمام]، وعبد الرزاق بن همام [ثقة حافظ]:
عن ابن جريج، قال: حدثني عبيد الله بن أبي يزيد، عن ابن عباس، قال: كان يرش الماء على أهله ليلة ثلاث وعشرين.
أخرجه أحمد في العلل (٢/ ٣٩٩/ ٢٧٨٠)، وعبد الرزاق (٤/ ٢٤٩/ ٧٦٨٦)، وابن أبي شيبة (٢/ ٢٥٢/ ٨٦٨٨) و (٢/ ٣٢٦/ ٩٥٤١).
وهذا صحيح عن ابن عباس موقوفًا عليه، بإسناد على شرط الشيخين [انظر: التحفة (٤/ ٤٩٠ - ٤٩٢/ ٥٨٦٤ - ٥٨٦٨)].
° وهم فيه وهمًا قبيحًا، حيث خالف ثقات أصحاب ابن جريج؛ فرفعه:
أبو بحر البكراوي عبد الرحمن بن عثمان [ضعيف، له غرائب]، فرواه عن ابن جريج، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرش على أهله الماء ليلة ثلاث وعشرين.
أخرجه الطبراني في الكبير (١١/ ١٢٨/ ١١٢٥٩)، وأبو طاهر المخلص في الأول من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (٤٠).
وسئل عنه أبو زرعة الرازي؛ فقال: "هذا خطأ؛ إنما هو: ابن عباس؛ أنه كان يوقظ أهله، موقوف" [لعلل (٣/ ١٣٨/ ٧٦٠)].
نرجع بعد ذلك إلى حديث عكرمة عن ابن عباس: في سبع يمضين، أو سبع يبقين [الذي أخرجه البخاري، واعترض عليه في وصله وإرساله، وفي رفعه ووقفه]: