أحمد:"منكر الحديث"، ولا يحتمل من الآجري مخالفة أثبت أصحاب أحمد في ذلك، وأبو عبيد الآجري لم يُعثر له على ترجمة، وإن كان كتابه قد حاز قبول العلماء في النقل عنه؛ إلا أنه صاحب غرائب في النقل عن أبي داود [انظر مثلًا: الحاشية رقم (٣) على تهذيب الكمال (٣٢/ ١٧٣)، حاشية طارق عوض الله على المنتخب من علل الخلال ص (٢١٨)، فضل الرحيم الودود (١٢/ ١٩٣)]؛ وعلى هذا فلا يوثق بهذا النقل عن أبي داود، وقال ابن سعد:"كان عابداً ناسكاً، ثقة، كثير الحديث، ثبتًا"، وذكره ابن حبان في الثقات، لكن قال في المشاهير:"من جلة أهل المدينة، وكان يهم كثيرًا إذا حدث من حفظه"، فانفرد بذلك عن الأئمة في إجماعهم على توثيق ابن خصيفة، وقد سبق أن برهنت على رد تجريح المتأخر إذا خالف إجماع النقاد المتقدمين على توثيق رجل، وذلك لأن الأوهام الواقعة في مروياته يقع الحمل فيها على من دونه، فلا نقبل الجرح حينئذ حتى يأتي على صحة دعواه ببرهان بين، وابن خصيفة قد أجمع أئمة النقاد على توثيقه والاحتجاج بحديثه [طبقات ابن سعد (١٥٥ - القسم المتمم لتابعي أهل المدينة)، العلل ومعرفة الرجال (٢/ ٤٩٠/ ٣٢٣٢)، سؤالات ابن طهمان (٣٤٧)، التاريخ الكبير (٨/ ٣٤٥)، الجرح والتعديل (٩/ ٢٧٤)، التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (٢/ ٣٠٣/ ٣٠٤٠ - السفر الثالث)، الثقات (٧/ ٦١٦)، المشاهير (١٠٦٦)، التهذيب (٤/ ٤١٩)].
وحاصل ما تقدم: فإن كلاً من محمد بن يوسف وابن خصيفة: ثقة ثبت، من أهل بيت السائب بن يزيد، احتج به الشيخان، ورويا له عن السائب، فحينئذ نبحث عن قرينة مرجحة من خارج النص، فيما روي عن عمر بشان التراويح:
* فوجدنا: مالك بن أنس، قد روى عن يزيد بن رومان؛ أنه قال: كان الناس يقومون في زمان عمر بن الخطاب في رمضان بثلاث وعشرين ركعة.
أخرجه مالك في الموطأ (١/ ١٧٢/ ٣٠٣ - رواية يحيى الليثي)(١٥١ - رواية القعنبي)(٢٨١ - رواية أبي مصعب الزهري)، ومن طريقه: جعفر الفريابي في الصيام (١٧٩ و ١٨٠)، والببهقي في السنن (٢/ ٤٩٦)، وفي الشعب (٥/ ٤٨٥/ ٣٠٠٠)، وفي المعرفة (٢/ ٣٠٥/ ١٣٦٦)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب والترهيب (٢/ ٣٦٧/ ١٧٨٧).
قال ابن الملقن في البدر المنير (٤/ ٣٥١): "لكنه مرسل؛ فإن يزيد بن رومان لم يدرك عمر" [وقاله قبله النووي في المجموع (٤/ ٣٣)، وفي الخلاصة (١٩٦٤)].
قلت: وهذا على انقطاعه؛ فإنه يقوي رواية ابن خصيفة.
قال ابن عبد البر في الاستذكار (٢/ ٦٩): "وهذا كله يشهد بأن الرواية بإحدى عشرة ركعة: وهمٌ وغلطٌ، وأن الصحيح: ثلاث وعشرون وإحدى وعشرون ركعة، والله أعلم".
• هكذا رواه أصحاب مالك ورواة الموطأ:
ورواه وكيع بن الجراح [ثقة حافظ]؛ عن مالك بن أنس، عن يحيى بن سعيد [يعني: الأنصاري]؛ أن عمر بن الخطاب أمر رجلًا يصلي بهم عشرين ركعة.