ولفظ أحمد: صلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في حجرتي، والناس يأتمون به من وراء الحجرة، يصلون بصلاته.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".
قلت: قد أخرجه البخاري من طريق عبدة عن يحيى بن سعيد به مطولًا مفسرًا، وإنما اختصره هشيم، فأوهم معنى جديدًا، وهو حديث صحيح.
* رواه عبدة بن سليمان، وعيسى بن يونس:
عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عمرة، عن عائشة، قالت: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي من الليل في حجرته، وجدار الحجرة قصير، فرأى الناسُ شخصَ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقام أناس يصلون بصلاته، فأصبحوا فتحدثوا بذلك، فقام الليلة الثانية، فقام معه أناس يصلون بصلاته، صنعوا ذلك ليلتين أو ثلاثًا، حتى إذا كان بعد ذلك، جلس رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فلم يخرج، فلما أصبح ذكر ذلك الناسُ، فقال: "إني خشيت أن تكتب عليكم صلاة الليل".
أخرجه البخاري (٧٢٩)، وابن حزم في المحلى (٥/ ٧٦)، والبيهقي (٣/ ١١٠).
وانظر في الغرائب: ما أخرجه البزار (١٨/ ٢٥٥/ ٢٩٦).
* ولحديث عائشة طرق أخرى، منها:
١ - ما رواه ابن شهاب، قال: أخبرني عروة؛ أن عائثة أخبرته؛ أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج ذات ليلة من جوف الليل، فصلى في المسجد، فصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم، فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد، ثم قال: "أما بعد، فإنه لم يخف عليَّ مكانكم، لكني خشيت أن تفرض عليكم، فتعجزوا عنها".
وهو حديث متفق عليه، أخرجه البخاري (٩٢٤ و ١١٢٩ و ٢٠١١ و ٢٠١٢)، ومسلم (٧٦١)، وسيأتي تخريجه في السنن برقم (١٣٧٣) إن شاء اللَّه تعالى.
٢ - وما رواه سعيد بن أبي سعيد، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة -رضي اللَّه عنها-؛ أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يحتجر حصيرًا بالليل فيصلي، ويبسطه بالنهار فيجلس عليه، فجعل الناس يثوبون إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيصلون بصلاته حتى كثروا، فأقبل فقال: "يا أيها الناس! خذوا من الأعمال ما تطيقون، فإن اللَّه لا يملُّ حتى تملوا، وإن أحبَّ الأعمال إلى اللَّه ما دام وإن قلَّ".
وهو حديث متفق عليه، أخرجه البخاري (٧٣٠ و ٥٨٦١) (٧٣٩ و ٥٨٦٣ - ط. التأصيل)، ومسلم (٧٨٢)، وسيأتي تخريجه في السنن برقم (١٣٦٨ و ١٣٧٤) إن شاء اللَّه تعالى [وراجع أيضا ما تقدم تحت الحديث رقم (٦٥٦ و ٦٥٩)].
٣ - وروى ابن إسحاق، قال: حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن عائشة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قالت: كان الناس يصلون في مسجد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في رمضان بالليل أوزاعًا، يكون مع الرجل الشيء من القرآن، فيكون