ويعقوب بن غيلان العماني: روى عنه جماعة، مثل: العقيلي وابن الأعرابي وابن قانع والطبراني وغيرهم، وهو: بصري، مجهول الحال [الإكمال (٦/ ٣٦٠)، الأنساب (٤/ ٢٣٥)، تاريخ الإسلام (٢٢/ ٣٢٥)، توضيح المشتبه (٦/ ٣٤٢)].
وعليه فلا تثبت هذه الرواية عن هشيم أصلًا، وليست هي من حديثه، وهذا فضلًا عن جهالة إبراهيم بن محمد بن جبير بن مطعم، فإنه مجهول، ولا يُعرف إلا في هذا الحديث الواحد، كما قال الطبراني [انظر: اللسان (١/ ٣٤٩)].
وعندئذ يبقى الترجيح بين رواية سعيد بن منصور، ورواية أبي عبيد، والذي يظهر لي -والله أعلم- أن رواية أبي عبيد قد فضحت رواية سعيد بن منصور، وبيَّنت أنها مدلَّسة، فإن هشيمًا كان على يقين من سماعه هذا الحديث من سفيان بن حسين، وأنه هو الواسطة بينه وبين الزهري في هذا الحديث، وفي نفس الوقت فإن الشك يساوره: هل سمع هذا الحديث من الزهري أم لا؟ فالواجب عندئذ: اطِّراح الشك، والبناء على اليقين.
وعليه فإن هذا الحديث من رواية سفيان بن حسين عن الزهري، وسفيان بن حسين ضعيف في الزهري خاصة [التهذيب (٢/ ٥٤)، وانظر: الحلية (٩/ ٢٢٣)، الحديث المتقدم برقم (٧٢٢)]، فهو حديث منكر بهذا السياق، وقد دخل له حديث في حديث، جمع بين حديثنا هذا، وبين حديث معمر وابن عيينة عن الزهري بهذا الإسناد مرفوعًا: "لو كان المطعم بن عدي حيًّا، ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له" [أخرجه البخاري (٣١٣٩ و ٤٠٢٤)، وسيأتي عند أبي داود برقم (٢٦٨٩) إن شاء الله تعالى]، والله أعلم.
• قال البزار (٨/ ٣٣٧): "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا جبير بن مطعم، ولا نعلمه يروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من وجه أنه قرأ في المغرب بالطور إلا في هذا الحديث".
قلت: قد صح الإسناد، وثبت الحديث، وهل من شرط الصحيح أن تروى السُّنَّة الواحدة عن أكثر من صحابي، فإن تفرد بها صحابي واحد كانت غريبة!؟
• ولحديث جبير هذا طريقان آخران:
١ - روى ابن جريج، قال: أخبرني عثمان بن أبي سليمان: أن جبير بن مطعم قال: قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - في المغرب بالطور.
أخرجه عبد الرزاق (٢/ ١٠٨/ ٢٦٩٣).
وهذا رجاله ثقات؛ لكنه مرسل؛ فإن عثمان بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم إنما يروي عن جده بواسطة.
ورواه أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي، قال: ثنا زهير بن محمد [هو التميمي، وهو هنا من رواية أهل العراق عنه]، عن عبد الله بن أبي بكر [هو: ابن محمد بن عمرو بن حزم]، عن عثمان بن أبي سليمان، عن أبيه، أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بالطور.