وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".
وقال الطبراني "لم يرو هذا الحديث عن ابن جريج إلا ابن وهب، تفرد به: حرملة، ولا يروى عن ابن الزبير إلا بهذا الإسناد".
قلت: تابع حرملة عليه: سعيد بن الحكم بن أبي مريم، فيبقى ابن وهب هو المتفرد به عن ابن جريج، وليس بذاك في ابن جريج، قال ابن معين: "عبد الله بن وهب: ليس بذاك في ابن جريج، كان يستصغر" [الكامل (٤/ ٢٠٢)، السير (٩/ ٢٢٣)، الميزان (٢/ ٥٢١)]، قال ابن رجب في شرح العلل (٢/ ٦٨٣): "يعني: لأنه سمع منه وهو صغير".
وقال أبو عوانة في كتاب الجنائز من صحيحه: "قال أحمد بن حنبل: في حديث ابن وهب عن ابن جريج شيء، قال أبو عوانة: صدق لأنه يأتي عنه بأشياء لا يأتي بها غيره" [التهذيب (٢/ ٤٥٤)] [وكتاب الجنائز ساقط من مطبوع أبي عوانة].
[وانظر في أوهام ابن وهب عن ابن جريج، ومخالفته لأصحابه: أطراف الغرائب والأفراد (١/ ٤٨٧/ ٢٧٣٢) و (٢/ ١١٣/ ٤٢٧٠)].
• خالفه: عبد الرزاق، فرواه عن ابن جريج، عن كثير بن كثير، عن أبيه، عن ابن الزبير: أنه علم الناس على المنبر، يقول: ليركع، ثم ليمش راكعًا، وإنه رأى ابن الزبير يفعله.
أخرجه عبد الرزاق (٢/ ٢٨٤/ ٣٣٨٣)، ومن طريقه: ابن المنذر (٤/ ١٨٧/ ٢٠٠١).
قلت: هكذا قال عبد الرزاق: عن كثير بن كثير، عن أبيه، عن ابن الزبير، ولم يقل: عن عطاء عن ابن الزبير، ولم يقل فيه: فإن ذلك السنة.
وهذا أولى، فإن عبد الرزاق من أروى الناس عن ابن جريج، ولو كان عند ابن جريج فيه عن عطاء، لما فات عبد الرزاق، وابن جريج عن عطاء: طريق مسلوكة سهلة، وأما ابن جريج عن كثير بن كثير فتحتاج إلى من يضبطها، نعم ابن وهب ثقة حافظ، لكنه حمل عن ابن جريج وهو صغير، فلعل الوهم دخل عليه من هذا الباب، فسلك الجادة والطريق السهل، والله أعلم.
ومما يؤكد هذا المعنى الذي ذكرت، وأن ابن جريج لم يكن عنده عن عطاء عن ابن الزبير، وإنما هو عن كثير عن أبيه عن ابن الزبير: أن عبد الرزاق روى هذا القول عن ابن جريج عن عطاء من قوله، لم يعْدُه إلى ابن الزبير:
روى عبد الرزاق في مصنفه (٢/ ٢٨٤/ ٣٣٨٦)، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: إذا دخلت والإمام راكع فاركع قبل أن تخلف النساء، ثم امش راكعًا، فإذا رفع رأسه فارفع، ثم اسجد حيث يدركك السجدة، قال غير مرة، قال: قلت له: [فإن] سجدت [سجدتين] فكانت للإمام مثنى؟ قال: فاجلس مكانك، فإذا قام فاصفف مع الناس، فإن لم يكن له مثنى؛ فإذا سجدت فقم فاصفف مع الناس.
فلو كان عند عطاء عن ابن الزبير في هذا شيء لعلمه ابن جريج، ولما سكت عنه.