للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان [صدوق]، عمن سمع مكحولًا، يحدث عن مسروق بن الأجدع، عن عائشة أنها قالت: شرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائمًا وقاعدًا، ومشى حافيًا وناعلًا، وانصرف عن يمينه وعن شماله.

أخرجه أحمد (٦/ ٨٧)، والطبراني في مسند الشاميين (١/ ١٥٦/ ٢٥٢).

قال الطبراني: "هذا الرجل الذي روى عنه ابن ثوبان هذا الحديث هو عندي: محمد بن الوليد الزبيدي، لأنا لا نعلم أحدًا روى هذا الحديث عن مكحول إلا الزبيدي".

قلت: قد رواه الطبراني نفسه من طريق عبد الله بن سالم عن مكحول، كما تقدم.

وعليه: فإما أن تُرجح رواية عبد الله بن سالم حيث زاد في الإسناد رجلًا، إذ الحكم لمن زاد إن كان ثقة، كما ذهب إلى ذلك الدارقطني، وإما أن يجمع بين روايته ورواية بقية، لا سيما وقد احتج النسائي برواية بقية، ولم يذكر اختلافًا في الحديث، فيقال: بأن الزبيدي سمعه أولًا من سليمان بن موسى، ثم لقي مكحولًا بعدُ فاستثبته في الحديث، وسمعه منه، ثم حدث بهذا مرة، وبهذا مرة، والله أعلم.

لكن الأقرب عندي -والله أعلم-: ترجيح رواية بقية التي اعتمدها النسائي، لما يلي:

أولًا: أن الإسناد إلى عبد الله بن سالم: إسناد حمصي لا يثبت مثله، فإن رجاله من لدن عبد الله بن سالم الأشعري الحمصي إلى عائشة: ثقات مشهورون، ثم تفرد عن عبد الله بن سالم بهذا الإسناد: عمرو بن الحارث بن الضحاك الزبيدي الحمصي: روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي في الميزان (٣/ ٢٥١): "عن عبد الله بن سالم الأشعري فقط، وله عنه نسخة، تفرد بالرواية عنه: إسحاق بن إبراهيم بن زبريق، ومولاة له اسمها علوة، فهو غير معروف العدالة، وابن زبريق: ضعيف".

قلت: وابن زبريق: إسحاق بن إبراهيم بن العلاء: ضعيف، لا سيما لو روى عن عمرو بن الحارث الحمصي، قال النسائي: "ليس بثقة، إذا روى عن عمرو بن الحارث" [تهذيب تاريخ دمشق (٢/ ٤١٠)]، والذي في التاريخ (٨/ ١٠٩) نصه: "ليس بثقة، عن عمرو بن الحارث" [التهذيب (١/ ١١١)، الميزان (١/ ١٨١)، الجرح والتعديل (٢/ ٢٠٩)].

وابنه: عمرو بن إسحاق بن زبريق: لم أر من ترجم له، ولا حتى في تاريخ دمشق، وهو شيخ للطبراني، أكثر عنه في مصنفاته.

وعلى هذا فهي مخالفة غير معتبرة، لعدم صحة الإسناد إلى المخالِف، وهو عبد الله بن سالم الأشعري [وقد سبق الكلام على هذا الإسناد فيما تقدم تحت الحديث رقم (٢٢٦)].

ثانيًا: تصرف النسائي في سننه، وقول الطوسي والطبراني وأبي نعيم: يدل على غرابة طريق عبد الله بن سالم، وأنها ليست محفوظة، فإن الحكم على حديث بقية بالغرابة، يدل على أن حديث الزبيدي هذا لا يُعرف إلا من طريق بقية، ولا يعرف من حديث عبد الله بن سالم.

<<  <  ج: ص:  >  >>