قال: وسمعته يقول: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة، واغفر للمؤذنين".
أخرجه أبو العباس السراج في مسنده (٧٢ و ٧٤)، والبيهقي (١/ ٤٣١).
وهذا وهْم من إبراهيم بن طهمان، حيث خالف في إسناد هذا الحديث جمهور أصحاب الأعمش الثقات، وفيهم أثبت الناس فيه.
والذي يظهر لي -والله أعلم- أن ابن طهمان أدرج متن هذا الحديث مع الحديث الآخر، فجعلهما بإسناد واحد، وهما عند الأعمش بإسنادين مختلفين، وقد روى عمار بن رزيق، وعبد الله بن بشر الرقي، وجرير بن عبد الحميد، وزائدة بن قدامة، وإسماعيل بن زكريا، وحفص بن غياث، ووكيع بن الجراح: حديث "يغفر الله للمؤذن مد صوته، ... " عن الأعمش، على اختلاف بينهم على الأعمش في إسناده، وفي رفعه ووقفه، وفي وصله وإرساله [انظر الحديث المتقدم برقم (٥١٥)]، لكن لم يقرن أحد منهم بين الحديثين بإسناد واحد، فدل ذلك على وهم ابن طهمان فيه، وأنه قد دخل له حديث في حديث.
• وحاصل ما تقدم من هذا الاختلاف: أن الأعمش لم يسمع هذا الحديث من أبي صالح، وإنما سمعه من رجل عن أبي صالح، لكنه كان يدلسه عن أبي صالح، ويسقط الواسطة، وهكذا رواه عنه مدلَّسًا جمهور أصحابه من الثقات وغيرهم، ولا يثبت سماعه لهذا الحديث من طريق صحيح يعتمد عليه، ورواية الشك لا يعتمد عليها أيضًا، وأفسدت رواية أسباط بن محمد، وشجاع بن الوليد، ومحمد بن فضيل: هذا الحديث.
وقد جزم بذلك جمع من الأئمة:
قال سفيان الثوري [وهو راوي هذا الحديث عن الأعمش بلا واسطة]: "لم يسمع الأعمش هذا الحديث من أبي صالح: "الإمام ضامن" وفي رواية: "حديث الأعمش عن أبي صالح: "الإمام ضامن": لا أراه سمعه من أبي صالح" [تاريخ يحيى بن معين للدوري (٣/ ٤٩٧/ ٢٤٣٠)، الجرح والتعديل (١/ ٨٢)، سنن البيهقي (٣/ ١٢٧)، اللطائف من علوم المعارف (٦٦٣)].
وقال يحيى بن معين: "لم يسمع الأعمش هذا الحديث من أبي صالح" [جامع التحصيل (١٨٩)].
وقال أبو داود في مسائله للإمام أحمد (١٨٧١): "سمعت أحمد يقول: هشيم لم يسمع حديث أبي صالح "الإمام ضامن" من الأعمش؛ وذاك أنه قيل لأحمد: إن هشيمًا قال فيه: عن الأعمش، قال: ثنا أبو صالح.
وسمعت أحمد مرة أخرى سئل عن هذا الحديث، فقال: حدَّث به سهيل عن الأعمش، ورواه ابن فضيل عن الأعمش عن رجل، ما أُرى لهذا الحديث أصل".
وقال الترمذي: "حديث أبي هريرة رواه سفيان الثوري وحفص بن غياث وغير واحد: عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.