الجواب: الذي يظهر لي -والله أعلم- أنه محفوظ، فقد صححه الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، وابن الجارود، واحتج به أبو داود والنسائي، وفي كلام الإمام أحمد ما يُشعِر بثبوته.
فإن قيل: هشام أحفظ وأتقن من همام.
فيقال: مرجع هذا الاختلاف ليس إلى حفظ هشام، وعدم ضبط همام، إذ هناك عامل آخر يؤثر في الحكم هنا، فإن عامر بن عبد الواحد الأحول، وإن أخرج له مسلم هذا الحديث الواحد [انظر: الجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسراني (١/ ٣٧٨/ ١٤٤٢)]، وقال فيه أبو حاتم:"ثقة، لا بأس به" فسأله ابنه: يحتج بحديثه؟ قال:"لا بأس به"، وقال ابن معين:"ليس به بأس"، وقال ابن عدي:"لا أرى برواياته بأسًا"، وقال الساجي:"يحتمل لصدقه، وهو صدوق"، وذكره ابن حبان في الثقات.
لكن قال أحمد:"في حديثه شيء"، وفي رواية:"ليس بقوي في الحديث"، وفي رواية:"ليس بالقوي، هو ضعيف في الحديث"، وقال النسائي:"ليس بالقوي"، ووهنه حميد بن الأسود [التهذيب (٢/ ٢٦٩)، إكمال مغلطاي (٧/ ١٤٤)، الميزان (٢/ ٣٦٢)، العلل ومعرفة الرجال (٢/ ٤٤ و ١٨٢/ ١٥٠٣ و ١٩٣٧)، الجرح والتعديل (٦/ ٣٢٦)، ضعفاء العقيلي (٣/ ٣١٠)، الكامل (٥/ ٨١)، سؤالات الآجري (٤٧٨)، مشاهير علماء الأمصار (١٢٢٤)]، فالذين عدَّلوه لم يرفعوه إلى طبقة الثقات الضابطين، بل جعلوه في المرتبة الثانية أو الثالثة تقريبًا، والذين جرحوه لم ينزلوا به إلى مرتبة الضعفاء الذين كثر خطؤهم حتى غلب عليهم، بل ليَّنوه بألفاظ الجرح الخفيفة، مما يدل على أن للرجل أوهام احتملها بعضهم فوثقه وفي نفسه منه شيء، والبعض الآخر تكلم فيه لأجلها فليَّنه.
وبهذا يظهر أن الاختلاف في متن هذا الحديث بالزيادة والنقص إنما هو من عامر الأحول نفسه، كان ينشط أحيانًا فيحدث به بالزيادة، وأحيانًا يقتصر على ذكر الأذان فقط، وعلى هذا فكلٌّ قد حدث بما سمع، وتكون حينئذٍ رواية همام من قبيل زيادة الثقة المقبولة في هذا الموضع، والله أعلم.
الثاني: أن عدم إخراج مسلم لحديث همام -والحال هذه- في النفس منه شيء، فإن مسلمًا قد احتج بزيادةٍ انفرد بها همام دون بقية أصحاب قتادة المقدَّمين فيه، كما هو فعل البخاري أيضًا، مما يدل على أن الشيخين لم يكونا يردان زياداته التي خالف فيها من هو أوثق منه بإطلاق [انظر: الحديث المتقدم برقم (٤٤٢)]، وزيادته هنا في هذا الحديث قد قَبِلَها وصحَّحها جمعٌ من أئمة الحديث تقدم ذكرهم.
الثالث: أن طرق حديث أبي محذورة التي ورد فيها تثنية الإقامة أقوى من التي ورد فيها إفرادها:
فإسناد حديث همام رجاله ثقات عدا عامر الأحول وقد احتج به مسلم، وإسناد