جهة القبلة لمن كان بعيدًا عنها؛ فإنه لا يكلف قصد عين الكعبة، وإنما يكفيه تيمم جهتها، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وكذلك هنا في المواقيت، فإنه لا ينبغي تكلف معرفة أول الوقت وآخره بالدقيقة والثانية، وإنما يكفي المكلف معرفة أن الوقت قد دخل بيقين، مثل كون الشمس قد زالت عن بطن السماء قدر الشراك ونحوه، وأن الظل قد بدأ في الازدياد من جهة المشرق مما يدرك بالنظر العادي، ولعله لهذا المعنى ختم ابن أبي شيبة في مصنفه الباب الذي عقده في وقت الظهر (١/ ٢٨٧/ ٣٢٩٦) بقوله: "حدثنا وكيع ومعاذ كلاهما، عن عمران بن حدير، عن أبي مجلز، قال: ليس الوقت ممدودًا [وتحتمل: محدودًا] كالشراك، من أخطأه هلك".
وإسناده صحيح إلى أبي مجلز لاحق بن حميد، وهو تابعي ثقة.
وانظر: الموافقات (٢/ ٩٠).
• تنبيه: روي في معنى حديث ابن مسعود: حديث قولي مرفوع لكنه باطل، فأحببت أن أنبه عليه:
يرويه أصرم بن حوشب [كذاب خبيث، يضع الحديث على الثقات. اللسان (٢/ ٢١٠)]، عن زياد بن سعد، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان الفيء ذراعًا ونصفًا إلى ذراعين فصلوا الظهر".
أخرجه أبو يعلى (٩/ ٣٧٧/ ٥٥٠٢)، وعنه: ابن حبان في المجروحين (١/ ١٨٣)، والعقيلي في الضعفاء الكبير (١/ ١١٨)، وابن عدي في الكامل (١/ ٤٠٥)، وابن الجوزي في الموضوعات (٢/ ١٣).
قال ابن حبان في أصرم:"كان يضع الحديث على الثقات"، ثم روى له حديثين هذا أحدهما، ثم قال:"المتنان جميعًا باطلان".
وقال العقيلي:"ولا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به، ليس له أصل من جهة تثبت" [الضعفاء (١/ ١٣٥) ط حمدي السلفي]، والجملة الأخيرة ليست في المطبوعة القديمة، وهي ثابتة عنه في الموضوعات واللسان.
وقال ابن عدي:"وهذه الأحاديث عن زياد بن سعد لا يرويها عن زياد غير أصرم بن حوشب هذا".