هكذا رواه إسماعيل ابن علية، ومعمر بن راشد: كلاهما عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أم عطية قالت: كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيئًا.
بدون زيادة: بعد الطهر.
وخالفهما: وهيب بن خالد [ثقة ثبت]، فرواه عن أيوب، عن حفصة، عن أم عطية، قالت: كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئًا.
أخرجه ابن ماجه (٦٤٧ م).
ثم قال: "قال محمد بن يحيى [يعني: الذهلي]: وهيب أولاهما عندنا بهذا".
قلت: ما أخرجه البخاري واختاره لصحيحه هو الأولى بالصواب، فإن إسماعيل ابن علية من أثبت أصحاب أيوب السختياني، بل قدمه بعضهم في أيوب على حماد بن زيد، فجعل ابن علية: أثبت من روى عن أيوب؛ مثل البرديجي، وشعيب بن حرب، وعيسى بن يونس [شرح علل الترمذي (٢/ ٧٠٠)].
• فلا شك أن رواية ابن علية مقدمة على رواية وهيب بن خالد، وأولى منها بالصواب؛ لا سيما وقد توبع عليها ابن علية، تابعه معمر بن راشد؛ فهي مقدمة بالحفظ والعدد.
ولا يقال بعد ذلك بأن رواية وهيب أولى من رواية ابن علية ومعمر، لكن قد يقال بأن أيوب السختياني ممن يحتمل منه التعدد في الأسانيد، وأنه أخذ الحديث من محمد وأخته حفصة، ثم حدث به مرة هكذا ومرة هكذا، هذا قول له وجه من الصواب، لا سيما وأيوب من كبار الحفاظ، والله أعلم.
وانظر: فتح الباري لابن حجر (١/ ٥٠٧) حيث قال: "وما ذهب إليه البخاري من تصحيح رواية إسماعيل أرجح؛ لموافقة معمر له، ولأن إسماعيل أحفظ لحديث أيوب من غيره، ويمكن أن أيوب سمعه منهما".
وقال ابن رجب في الفتح (١/ ٥٢١) بأن قول الذهلي: "فيه نظر".
• هذا ما صح في هذا الباب، وقد روي هذا الحديث أو معناه من حديث عائشة بأسانيد لا يصح منها شيء، لا نطيل بذكرها؛ أخرجها البيهقي (١/ ٣٣٧) وضعفها. وانظر ما تقدم برقم (٢٩٣) الإسناد الثاني، ولا يصح أيضًا.
• وروي نحوه من حديث ثوبان: عند الطبراني في مسند الشاميين (٢/ ٢٠٢/ ١١٨٨) و (٤/ ٣٣٥/ ٣٤٨٠ و ٣٤٨١)، ولا يصح.
وانظر: فتح الباري لابن رجب (١/ ٥٢٢).
• وأما فقه الحديث:
فإن الصفرة والكدرة إن كانت في أيام الحيض فهي حيض، وكذا الطهر في أيام الحيض: حيض، وأما بعد رؤية علامة الطهر من القصة البيضاء أو الجفوف فإن الصفرة والكدرة لا تعد شيئًا؛ يعني: لا تعد حيضًا، فلا تترك له المرأة الصلاة والصوم، بل هو طهر، لكن تتوضأ منه [انظر: الأوسط (٢/ ٢٣٣)، فتح الباري لابن رجب (١/ ٥٢٣)، نيل الأوطار (١/ ٤١٥)].