مقطوع الذنب قد سدل رجليه من جانب. المدائنيّ قال: بينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر إذ أحسّ من نفسه بريح خرجت منه، فقال: أيها الناس إني قد ميّلت بين أن أخافكم في الله وبين أن أخاف الله فيكم، فكان أن أخاف الله فيكم أحبّ إليّ، ألا وإني قد فسوت، وهأنذا أنزل لأعيد الوضوء. كان يقال: من لم يستح من الحلال قلّت كبرياؤه وخفّت موازينه.
قال معاوية: ما منا أحد إلا فتّش عن جائفة أو منقّلة «١» خلا عمر بن الخطاب.
المنقّلة الشجة التي يخرج منها العظام، والجائفة التي تبلغ جوف الدماغ.
يحيى بن آدم عن محمد بن طلحة عن أبي حمزة قال: قال إبراهيم: لقد تكلّمت ولو وجدت بدّا ما تكلمت، وإنّ زمانا تكلمت فيه لزمان سوء. كان رجل من خثعم ردي فقال في نفسه:[كامل]
لو كنت أصعد في التكرّم والعلا ... كتحدّري أصبحت سيّد خثعم
فباد أهل بيته حتى ساد فقال:[كامل]
خلت الدّيار فسدت غير مسوّد ... ومن الشّقاء تفرّدي بالسؤّدد
أنشدني أبو حاتم عن الأصمعيّ في مثله:[طويل]
إنّ بقوم سوّدوك لحاجة ... إلى سيّد لو يظفرون بسيّد
قال يحيى بن خالد: لست ترى أحدا تكبّر في إمارته إلّا وهو يعلم أن الذي نال فوق قدره، ولست ترى أحدا يضع نفسه في إمارة إلّا وهو في نفسه أكثر مما نال في سلطانه. ومثله، قيل لعبيد الله بن بسّام: فلان غيرّته الإمارة، فقال: إذا ولي الرجل ولاية فرآها أكثر منه تغيّر، وإذا ولي ولاية يرى أنه أكثر منها لم يتغيّر. ويقال: التواضع مع السخافة والبخل أحمد من السخاء والأدب مع الكبر، فأعظم بنعمة عفّت من صاحبها بسيّئتين، وأقبح بسيئة حرمت