ويقال: كلّ نعمة محسود عليها إلّا التواضع. قال المسيح عليه السلام لأصحابه: إذا اتّخذكم الناس رؤوسا فكونوا أذنابا. اعتمّ هشام بن عبد الملك فقام الأبرش ليسوّي عمامته، فقال هشام: مه إنا لا نتخذ الإخوان خولا. كان عمر بن الخطاب يلقط النّوى ويأخذ النّكث من الطريق، فإذا مرّ بدار رمى بها فيها وقال: انتفعوا بهذا.
قال يوسف بن أسباط: يجزي قليل الورع من كثير العلم، ويجزي قليل التواضع من كثير الاجتهاد. وقال بكر بن عبد الله: إذا رأيت أكبر منك فقل:
سبقني بالإسلام والعمل الصالح فهو خير منّي، وإذا رأيت أصغر منك فقل:
سبقته بالذنوب والمعاصي فهو خير منّي، وإذا رأيت إخوانك يكرمونك فقل:
نعمة أحدثوها، وإذا رأيت منهم تقصيرا فقل: بذنب أحدثته. قال عبد الملك ابن مروان: أفضل الرجال من تواضع عن رفعة، وزهد عن قدرة، وأنصف عن قوّة. قال ابن السّمّاك لعيسى بن موسى: تواضعك في شرفك خير لك من شرفك. وقال عبد الملك بن مروان: ثلاثة من أحسن شيء: جود لغير ثواب، ونصب «١» لغير دنيا، وتواضع لغير ذلّ.
قال إبراهيم النّخعيّ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجيب دعوة العبد ويركب الحمار ردفا. الأعمش عن أنس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعى إلى خبز الشعير والإهالة السّنخة «٢» فيجيب. قال غيره: وكان لا يأكل متّكئا ويأكل بالحضيض، ويقول:«إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد» قال أوس ابن الحدثان: رأيت أبا هبيرة وهو أمير المدينة راكبا على حمار عري يقول: الطريق الطريق، قد جاء الأمير. قال حفص بن غياث: رأيت الأعمش خارجا إلى العيد على حمار