للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كُنْتَ فِي مَجْلِسٍ وَقَدْ جَرَى بَيْنَ يَدَيْكَ ذِكْرِي، فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ سَوِّدْ وَجْهَهُ وَاقْطَعْ عُنُقَهُ وَأَسْقِنِي مِنْ دَمِهِ، فَقَالَ: نَعَمْ قُلْتُهُ، وَلَكِنْ فِي كَرْمِ كَذَا لَمَّا نَظَرْتُ إِلَى الْحِصْرِمِ فَاسْتَحْسَنَ/ قَوْلَهُ، وَعَفَا عَنْهُ. «ي» قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ: إِنِّي حَلَفْتُ لَا أُكَلِّمُ امْرَأَتِي حَتَّى تُكَلِّمَنِي وَحَلَفَتْ بِصَدَقَةِ مَا تَمْلِكُ أَنْ لَا تُكَلِّمَنِي أَوْ أُكَلِّمَهَا فَتَحَيَّرَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ فَقَالَ سُفْيَانُ مَنْ كَلَّمَ صَاحِبَهُ حَنِثَ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: اذْهَبْ وَكَلِّمْهَا وَلَا حِنْثَ عَلَيْكُمَا. فَذَهَبَ إِلَى سُفْيَانَ وَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، فَذَهَبَ سُفْيَانُ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ مُغْضَبًا وَقَالَ: تُبِيحُ الْفُرُوجَ! فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ سُفْيَانُ:

أَعِيدُوا عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ السُّؤَالَ، فَأَعَادُوا وَأَعَادَ أَبُو حَنِيفَةَ الْفَتْوَى، فَقَالَ مِنْ أَيْنَ قُلْتَ؟ قَالَ: لَمَّا شَافَهَتْهُ بِالْيَمِينِ بعد ما حَلَفَ كَانَتْ مُكَلِّمَةً فَسَقَطَتْ يَمِينُهُ، وَإِنْ كَلَّمَهَا فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهَا، لِأَنَّهُ قَدْ كَلَّمَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ فَسَقَطَتِ الْيَمِينُ عَنْهُمَا. قَالَ سُفْيَانُ: إِنَّهُ لَيُكْشَفُ لَكَ مِنَ الْعِلْمِ عَنْ شَيْءٍ كُلُّنَا عَنْهُ غَافِلٌ. «يا» دَخَلَ اللُّصُوصُ عَلَى رَجُلٍ فَأَخَذُوا مَتَاعَهُ وَاسْتَحْلَفُوهُ بِالطَّلَاقِ ثَلَاثًا أَنْ لَا يُعْلِمَ أَحَدًا، فَأَصْبَحَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَرَى اللُّصُوصَ يَبِيعُونَ مَتَاعَهُ وَلَيْسَ يَقْدِرُ أَنْ يَتَكَلَّمَ مِنْ أَجْلِ يَمِينِهِ، فَجَاءَ الرَّجُلُ يُشَاوِرُ أَبَا حَنِيفَةَ فَقَالَ: أَحْضِرْ لِي إِمَامَ مَسْجِدِكَ وَأَهْلَ مَحَلَّتِكَ فَأَحْضَرَهُمْ إِيَّاهُ، فَقَالَ لَهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ. هَلْ تُحِبُّونَ أَنْ يَرُدَّ اللَّهُ عَلَى هَذَا مَتَاعَهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَاجْمَعُوا كُلًّا مِنْهُمْ وَأَدْخِلُوهُمْ فِي دَارٍ ثُمَّ أَخْرِجُوهُمْ وَاحِدًا وَاحِدًا، وَقُولُوا أَهَذَا لِصُّكَ؟ فَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِلِصِّهِ قَالَ: لَا، وَإِنْ كَانَ لِصَّهُ فَلْيَسْكُتْ، وَإِذَا سَكَتَ فَاقْبِضُوا عَلَيْهِ، فَفَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ جَمِيعَ مَا سُرِقَ مِنْهُ «يب» كَانَ فِي جِوَارِ أَبِي حَنِيفَةَ فَتًى يَغْشَى مَجْلِسَ أَبِي حَنِيفَةَ، فَقَالَ يَوْمًا لِأَبِي حَنِيفَةَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ ابْنَةَ فُلَانٍ وَقَدْ خَطَبْتُهَا، إِلَّا أَنَّهُمْ قَدْ طَلَبُوا مِنِّي مِنَ الْمَهْرِ فَوْقَ طَاقَتِي، فَقَالَ: احْتَلْ وَاقْتَرِضْ وَادْخُلْ عَلَيْهَا، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُسَهِّلُ الْأَمْرَ عَلَيْكَ بَعْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَقْرَضَهُ أَبُو حَنِيفَةَ ذَلِكَ الْقَدْرَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: بَعْدَ الدُّخُولِ أَظْهِرْ أَنَّكَ تُرِيدُ الْخُرُوجَ مِنْ هَذَا الْبَلَدِ إِلَى بَلَدٍ بَعِيدٍ، وَأَنَّكَ تُسَافِرُ بِأَهْلِكَ مَعَكَ: فَأَظْهَرَ الرَّجُلُ ذَلِكَ. فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ الْمَرْأَةِ وَجَاءُوا إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ يَشْكُونَهُ وَيَسْتَفْتُونَهُ، فَقَالَ لَهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ: لَهُ ذَلِكَ، فَقَالُوا: وَكَيْفَ الطَّرِيقُ إِلَى دَفْعِ ذَلِكَ؟ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ:

الطَّرِيقُ أَنْ تُرْضُوهُ بِأَنْ تَرُدُّوا عَلَيْهِ مَا أَخَذْتُمُوهُ مِنْهُ، فَأَجَابُوهُ إِلَيْهِ، فَذَكَرَ أَبُو حَنِيفَةَ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ، فَقَالَ الزَّوْجُ: فَأَنَا أُرِيدُ مِنْهُمْ شَيْئًا آخَرَ فَوْقَ ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ تَرْضَى بِهَذَا الْقَدْرِ وَإِلَّا أَقَرَّتْ لِرَجُلٍ بَدَيْنٍ فَلَا تَمْلِكُ الْمُسَافَرَةَ بِهَا حَتَّى تَقْضِيَ مَا عَلَيْهَا مِنَ الدَّيْنِ فَقَالَ الرَّجُلُ اللَّهَ اللَّهَ لَا يَسْمَعُوا بِهَذَا فَلَا آخُذُ مِنْهُمْ شَيْئًا وَرَضِيَ بِذَلِكَ الْقَدْرِ فَحَصَلَ بِبَرَكَةِ عِلْمِ أَبِي حَنِيفَةَ فَرَجُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْخَصْمَيْنِ «يج» عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ، لِي ابْنٌ لَيْسَ بِمَحْمُودِ السِّيرَةِ أَشْتَرِي لَهُ الْجَارِيَةَ بِالْمَالِ الْعَظِيمِ فَيُعْتِقُهَا وَأُزَوِّجُهُ الْمَرْأَةَ بِالْمَالِ الْعَظِيمِ فَيُطَلِّقُهَا فَقَالَ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ: اذْهَبْ بِهِ مَعَكَ إِلَى سُوقِ النَّخَّاسِينَ فَإِذَا وَقَعَتْ عَيْنُهُ عَلَى جَارِيَةٍ فَابْتَعْهَا لِنَفْسِكَ ثُمَّ زَوِّجْهَا إِيَّاهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا عَادَتْ إِلَيْكَ مَمْلُوكَةً وَإِنْ أَعْتَقَهَا لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ إياها، قال الليث: فو الله مَا أَعْجَبَنِي جَوَابُهُ كَمَا أَعْجَبَنِي سُرْعَةُ جَوَابِهِ «يد» سُئِلَ أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ لَيَقْرَبَنَّ امْرَأَتَهُ نَهَارًا فِي رَمَضَانَ فَلَمْ يَعْرِفْ أَحَدٌ وَجْهَ الْجَوَابِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُسَافِرُ مَعَ امْرَأَتِهِ فَيَطَؤُهَا نَهَارًا/ فِي رَمَضَانَ «١» «يه» جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الْحَجَّاجِ فَقَالَ:

سُرِقَتْ لِي أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْحَجَّاجُ: مَنْ تَتَّهِمُ؟ فَقَالَ: لَا أَتَّهِمُ أَحَدًا قَالَ: لَعَلَّكَ أُتِيتَ مِنْ قِبَلِ أَهْلِكَ؟

قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ امْرَأَتِي خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ قَالَ الْحَجَّاجُ لِعَطَّارِهِ اعْمَلْ لِي طِيبًا ذَكِيًّا لَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ فَعَمِلَ لَهُ الطِّيبَ ثُمَّ دَعَا الشَّيْخَ فَقَالَ: ادَّهِنْ مِنْ هَذِهِ الْقَارُورَةِ وَلَا تُدْهِنْ مِنْهَا غَيْرَكَ ثُمَّ قَالَ الْحَجَّاجُ لِحَرَسِهِ: اقْعُدُوا عَلَى أَبْوَابِ


(١) شرط الفقهاء في السفر المبيح للفطر أن لا يكون الفطر هو مقصود المسافر بسفره كما في هذه الحالة.