للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جاء في قصة بدء الوحي (١)، وثبت في الصحيح: «أن جبريل أتى النبي ، فقال: يا رسول الله هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قَصَبٍ لا صَخَبَ فيه ولا نَصَبَ) (٢). وقال النبي : «خير نسائها مريم بنت عمران وخير نسائها خديجة بنت خويلد» (٣).

وفضَّل بعض أهل العلم عائشة؛ لأنها عاصرت الدعوة ونزول الشرائع، وتلقت وحفظت من العلم الذي جاء به النبي ما لم تدركه خديجة، وجاء في فضلها مثل قوله لما قيل له: (من أحب الناس إليك؟ قال: عائشة) (٤) وجاء فيها الحديث الصحيح: (فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام) (٥).

وجمع بعض أهل العلم بين القولين فقال: إن خديجة أفضل من وجه، فلها تأثير في أول الإسلام بنصر وتأييد النبي ومواساته، ولها منه المنزلة العالية، وهي أم أكثر أولاده، وكان يذكرها وينوه بها، حتى قالت عائشة : «ما غِرْتُ على أحد من نساء النبي ما غرت على خديجة وما رأيتها، ولكن كان النبي يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلتُ له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة! فيقول: «إنها كانت وكانت، وكان لي منها ولد». (٦) وعائشة أفضل من جهة حمل العلم وتبليغه إلى الأمة وإدراكها من العلم ما لم تشركها فيه خديجة (٧).


(١) رواه البخاري (٣)، ومسلم (١٦٠) من حديث عائشة .
(٢) رواه البخاري (٣٨٢٠)، ومسلم (٢٤٣٢) من حديث أبي هريرة .
(٣) رواه البخاري (٣٤٣٢)، ومسلم (٢٤٣٠) من حديث علي .
(٤) تقدم في ص ٣٦٦.
(٥) رواه البخاري (٣٤١١) ومسلم (٢٤٣١) من حديث أبي موسى الأشعري .
(٦) رواه البخاري (٣٨١٨) ـ واللفظ له ـ ومسلم (٢٤٣٥).
(٧) هذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم. مجموع الفتاوى ٤/ ٣٩٣، وبدائع الفوائد ٣/ ١١٠٤ وجلاء الأفهام ص ٢٦٣.

<<  <   >  >>