من (لم يقنع بالتسليم فهمه حجبه مرامه … ) فيبقى متذبذبا مترددا كحال المنافق «مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ»[النساء: ١٤٣] بين المؤمنين والكفار «لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ»[النساء: ١٤٣] فبسبب عدم التسليم والانقياد لما جاء به الرسول ﷺ يبقى مترددا.
وقوله:(فيتذبذب بين الكفر والإيمان) إما أنه يقع في الكفر الأعظم فِعلا فيصير مرتدا ثم يرجع، وهذا يحصل تارة ظاهرا، كما قال الله:«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرَاً»[النساء: ١٣٧].
ويحصل تارة داخل القلب فقط، فلا يتبين أمره، وقد يرجع إلى الإيمان، وقد لا يرجع ـ والعياذ بالله ـ، وقد يتردد ويكون عنده حالة من الحرج والضيق فيما جاء وحكم به الرسول ﷺ، ولهذا قال سبحانه:«فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجَاً مِمَّا قَضَيْتَ»[النساء: ٦٥].
وقوله:(والتصديق والتكذيب، والإقرار والإنكار) هذه الكلمات متقاربة، فالكفر يكون بالتكذيب والإنكار، والإيمان يكون بالتصديق والإقرار، فهذا تنويع في التعبير، وإن كانت الألفاظ مختلفة المعاني لكنها متلازمة.