للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأخذها ابن الخطاب فلم أر عبقريا من الناس يَنْزِع نزع عمر، حتى ضرب الناس بعَطَنٍ) (١). أي: سقى للناس، وهذا ما وقع في خلافته من استقرار الأمر، وانتشار الإسلام، وكثرة الفتوح.

فتأولها أهل العلم (٢) على أمر الولاية والخلافة من بعده ، فأبو بكر ولي الأمر بعد الرسول مدة قصيرة سنتين وأشهر، وحصل في ولايته خير كثير ومن أعظم ذلك تثبيت أمر الإسلام ودولته، وقتال المرتدين، ورد كثيرا منهم إلى الإسلام.

وأظهر الأقوال عندي فيما ثبت به أمر الخلافة هو أنها ثبتت بالنص الخفي والإشارة؛ إذ ليس هناك نص جلي يقول: الخليفة من بعدي هو أبو بكر، لكن هذه النصوص بمجموعها تدل دلالة بينة على أن أبا بكر هو الأحق بالأمر، وأنه الخليفة من بعده ، ثم وفق الله أصحاب رسول الله لاختياره عندما اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة، وقال قائل منهم للمهاجرين: «منا أمير ومنكم أمير، فقال أبو بكر : نحن الأمراء وأنتم الوزراء، فبايِعوا عمر أو أبا عبيدة بن الجراح، فقال: عمر بل نبايعك أنت فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس» (٣).

ولم يخالف في ذلك من يعتد بخلافه، فلا نزاع بين الصحابة في أن أبا بكر أفضلهم، كما في حديث عمرو بن العاص ، قلت يا رسول الله: (أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة، قلت: من الرجال؟ قال: أبوها، قلت: ثم مَن؟ قال: عمر فَعَدَّ رجالا) (٤).

فهو أحب الناس إلى الرسول وأَمَنِّهم عليه في صحبته وماله،


(١) رواه البخاري (٣٦٦٤)، ومسلم (٢٣٩٢) من حديث أبي هريرة .
(٢) المنهاج ١٥/ ١٥٧، وفتح الباري ٧/ ٣٨.
(٣) رواه البخاري (٣٦٦٨) من حديث عائشة ، وهذا اللفظ مختصر.
(٤) رواه البخاري (٣٦٦٢)، ومسلم (٢٣٨٤).

<<  <   >  >>