والدار الآخرة التي بعد البعث، وهي: دار القرار، وليس فيها نقلة ولا رحيل ولا تحول.
أما القبر، فليس هو كما يجري على ألسن الناس إذا دفنوا الميت قالوا: انتقل إلى مثواه الأخير؛ فإن القبر ليس هو المثوى الأخير، بل بعده رحيل وانتقال من دار البرزخ إلى الدار الآخرة: إلى الجنة أو النار، واستنبط بعض أهل العلم هذا المعنى من قوله تعالى:«أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حتى زُرْتُمُ»[التكاثر: ١ - ٢] والزائر لا بد له من انصراف؛ لأنه غير مقيم (١)، فأهل القبور ليسوا بمقيمين أبدا في قبورهم؛ بل سينصرفون عندما يدعوهم الداعي:«وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ»[ق: ٤١ - ٤٢]، «وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ»[الزمر: ٦٨].
(١) الجامع لأحكام القرآن ٢٢/ ٤٥٠، وتفسير ابن كثير ٨/ ٤٧٤.