للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واختلف المفسرون في توجيهها، فقيل: إنها عَطْف على الرأس؛ فتمسح مثله، وهذه من شبهات الرافضة (١)، لكن جمهور الأمة القائلون بغسل الرجلين قالوا: إنه خفض للمجاورة، كما قالوا: (جُحرُ ضبٍّ خربٍ)، وأصله (خربٌ)، (٢) ومن أحسن ما قيل في قراءة الجر: إنها محمولة على حال لبس (٣)، وقراءة النصب على حال خلوهما، فتكون الآية على القراءتين دالة على الحكمين الغسل والمسح كما دلت على ذلك السنة، والسنة تفسر القرآن وتبينه وتدل عليه.

وفرض الرجلين هو الغسل إذا كانتا مكشوفتين، أما إذا كانا في خفين لُبِسا على طهارة؛ ففرضهما المسح عليهما، ودلت على ذلك سنة الرسول القولية والفعلية، كما في حديث المغيرة بن شعبة في الصحيحين، أنه كان مع النبي ، قال: ﴿فأهويت لأنزع خفيه، فقال: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين، فمسح عليهما﴾ (٤)، وهكذا في حديث حذيفة في الصحيح أن النبي بال فتوضأ ومسح على خفيه (٥)، وسئل علي عن المسح على الخفين؟ فقال: (جعل رسول الله ثلاثة أيام بلياليهن للمسافر، ويوما وليلة للمقيم) (٦)، وغيرها.

فأحاديث المسح على الخفين متواترة، ولهذا كان من مذهب أهل السنة والجماعة المسح على الخفين، وغسل الرجلين إذا لم يكونا في خفين، خلافا للرافضة؛ فإن الرافضة خالفوا السنة في الحالين، فقالوا: إن فرض الرجلين هو المسح على أعلى القدم من الأصابع إلى العظم


(١) الجامع لأحكام القرآن ٧/ ٣٤٣.
(٢) زاد المسير ٢/ ١٧٩، والجامع لأحكام القرآن ٧/ ٣٤٧.
(٣) الخفين [الجامع لأحكام القرآن ٧/ ٣٤٥.
(٤) رواه البخاري (٢٠٦)، ومسلم (٢٧٤).
(٥) رواه مسلم (٢٧٣).
(٦) رواه مسلم (٢٧٦).

<<  <   >  >>