للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما مرتكب الكبيرة فله حكم في الدنيا وحكم في الآخرة، فحكمه في الدنيا تقدمت الإشارة إليه (١)، وأن مرتكب الذنوب التي دون الشرك لا يكفر بذلك خلافا للخوارج؛ بل ولا يخرج من الإيمان خلافا للمعتزلة؛ بل هو مؤمن ناقص الإيمان.

أما حكمه في الآخرة فأهل السنة والجماعة يقولون: إنه تحت مشيئة الله إن شاء غفر له ولم يدخله النار، وإن شاء عذبه ثم أخرجه من النار برحمته وبشفاعة الشافعين من أهل الطاعات.

وقوله: (وأهل الكبائر من أمة محمد ) (٢)

هذا القيد قد يكون له مفهوم، وأن حكم أهل الكبائر مختص بأمة محمد ؛ وأهل الكبائر من الأمم الماضية ليس عندنا في حكمهم دليل، إنما النصوص الصريحة جاءت في شأن أمة محمد ، ففي الحديث الصحيح أنه قال: (لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة ـ إن شاء الله ـ من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا) (٣) وكذلك أحاديث الشفاعة المصرحة بأنه يشفع أربع مرات وفي كل مرة: (يسجد لربه ويدعو ويستشفع فيقال له: ارفع رأسك، وقل تسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع، ثم أشفع: فيَحُدُّ لي حدًا فأخرجهم من النار) (٤) وهذا ما عناه الطحاوي بقوله: (وأهل الكبائر … في النار لا يخلدون) (في النار) متعلق بـ (يخلدون) أي: وأهل الكبائر لا يخلدون في النار إذا دخلوها، وليس مقصوده أنهم لا بد لهم من دخول النار ولكنهم لا يخلدون فيها.

وقوله: (إذا ماتوا وهم موحدون، وإن كانوا غيرَ تائبين)


(١) ص ٢١٤ وما بعدها.
(٢) قوله: «من أمة محمد » رأيت مخطوطتين ليست فيها هذه الجملة، كذا ذكر ابن أبي العز ص ٥٢٥: أنها ليست في بعض النسخ.
(٣) تقدم في ص ١٥٥.
(٤) تقدم في ص ١٥٦.

<<  <   >  >>