للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبي (لا يدخلُ النارَ أحدٌ ممن بايع تحت الشجرة) (١)

أما من شهد له المؤمنون، فيستدل له بحديث أنس قال: (مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا، فقال النبي : «وجبت»، ثم مروا بأخرى، فأثنوا عليها شرا، فقال: «وجبت»، فقال عمر بن الخطاب : ما وجبت؟ قال: «هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض». … (٢)

لكن هذا خطاب لجماعة من خيار الصحابة ، فلا يتأتى اعتبار أي جماعة من الناس أن شهادتهم للشخص توجب الشهادة له بالجنة، إذا شهدوا له بالخير والصلاح؛ لكن شهادة المسلمين والصالحين مما يستبشر به، ومما يبشر بالخير ويبعث على الرجاء، أما أن يشهد له بالجنة بناء على هذا فلا، وهذا المثنى عليه خيرا لم يعلم أنه في الجنة إلا بقول الرسول : «وجبت»، وهذا لا يتأتى لغيره من الناس.

وقوله: (ونستغفر لمسيئهم، ونخاف عليهم، ولا نقنطهم).

نرجو للمحسنين أن يعفو الله عنهم ويدخلهم الجنة، ولا نأمن عليهم ولا نشهد لهم بالجنة، ونستغفر للمسيئين، قال تعالى: «وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ» [محمد: ١٩] فالله ندب نبيه أن يستغفر ربه لذنبه وللمؤمنين، وهذه سنة الأنبياء فقد ذكر الله عن نوح أنه قال: «رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنَاً وَلِلْمُؤْمِنِينَ» [نوح: ٢٨] وعن إبراهيم أنه قال: «رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ» [إبراهيم: ٤١] وقد أثنى الله على الذين يستغفرون لإخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان: «وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلَّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ


(١) رواه أحمد ٣/ ٣٥٠، وأبو داود (٤٦٥٣)، والترمذي (٣٨٦٠) من حديث جابر ، ونحوه عند مسلم (٢٤٩٦) من روايته عن أم مبشر .
(٢) رواه البخاري (١٣٦٧)، ومسلم (٩٤٩).

<<  <   >  >>