للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنَاً مُتَعَمِّدَاً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا» [النساء: ٩٣] وقال تعالى: «وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفَاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزَاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ» [الأنفال: ١٦]، وقال تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمَاً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارَاً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرَاً» [النساء: ١٠] فكيف يقال: لا يضر مع الإيمان ذنب؟!

وهذا مذهب جهم، وجهم إمام غلاة المرجئة، أما مرجئة الفقهاء فمذهبهم ليس كذلك إنما هم يخرجون الأعمال عن مسمى الإيمان، لكن يقولون بوجوب الواجبات وتحريم المحرمات، وترتب العقاب على فعل المحرمات وترك الواجبات، فالذنوب عندهم تضر مرتكبها، ويستحق العقاب الذي توعد الله به في كتابه، أو أخبر به الرسول .

وأهل السنة وسط في هذا المقام فلا يُكفِّرون أهل الكبائر، ولا يُؤَمِنُونَهم من العقاب، ويرون أن مرتكب الكبيرة في الدنيا مؤمن بما معه من الإيمان، فاسق بما ارتكب من الكبيرة، وما ورد في النصوص من إطلاق اسم الكفر على بعض الأعمال، أو بعض العاملين مما هو دون الشرك، فهو محمول على الكفر الأصغر الذي يعبر عنه بكفر دون كفر، كقول النبي : (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) (١)، وقوله : (اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت) (٢) وما أشبه ذلك، وفي الآخرة هو تحت مشيئة الله، هذا حكمهم في الآخرة، كما سيأتي تقرير حكم أهل الكبائر في قول الطحاوي: (وأهل الكبائر من أمة محمد في النار لا يخلدون إذا ماتوا وهم موحدون وإن كانوا غير تائبين).


(١) رواه البخاري (٤٨) ومسلم (٦٤) من حديث ابن مسعود .
(٢) رواه مسلم (٦٧) من حديث أبي هريرة .

<<  <   >  >>