للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه الشفاعة لا ينكرها أحد من أهل البدع؛ لأنها لا تناقض شيئا من أصولهم.

والثانية: شفاعته في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة، فبعدما يجوزون الصراط يوقفون على قنطرة بين الجنة والنار فإذا هُذِّبُوا ونُقُّوا أذن لهم بدخول الجنة (١)، ثم إنهم لا يدخلون إلا بشفاعته (٢).

وهاتان الشفاعتان خاصتان به .

والثالثة: شفاعته فيمن دخل النار من عصاة الموحدين أن يخرج منها، وهذا جاء صريحا في الأحاديث، وأنه يشفع أربع مرات وفي كل مرة: (يسجد لربه ويدعو ويستشفع فيقال له: ارفع رأسك، وقل تسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع، ثم أشفع: فيَحُدُّ لي حدًا فأخرجهم من النار﴾. (٣)

وتواترت الأحاديث (٤) بأنه يخرج من النار بهذه الشفاعات من قال: لا إله إلا الله، وفي قلبه مثقال خردلة، أو شعيرة، أو بُرَّة أو ذرة من إيمان، وأنهم يخرجون من النار وقد صاروا حُمَمًا ـ أي: مثل الفحم ـ فَيُلْقَون في نهر بأفواه الجنة يقال له: نهر الحياة، فَيَنْبُتُون كما تنبت الحِبَّة في حميل السيل. (٥)

وهذه الشفاعة في أهل التوحيد لا تختص بالرسول لكن له من ذلك النصيب الأكبر والأعظم، فمن يخرج بشفاعته أكثر ممن يخرج بشفاعة غيره، وإلا فإنه تشفع الملائكة، ويشفع النبيون، ويشفع المؤمنون


(١) رواه البخاري (٢٤٤٠) من حديث أبي سعيد .
(٢) رواه مسلم (١٩٥) من حديث أبي هريرة ، ومعناه (١٩٦) من حديث أنس .
(٣) رواه البخاري (٦٥٦٥)، ومسلم (١٩٣) من حديث أنس .
(٤) الموضع السابق في المتواتر.
(٥) رواه البخاري (٧٤٣٩)، ومسلم (١٨٣) من حديث أبي سعيد الخدري .

<<  <   >  >>